يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولقد وصينا﴾ الأمم المتقدمة الذين أنزلنا عليهم ﴿الكتاب من قبلكم﴾ كأهل التوراة والإنجيل والزبور، وغيرهم من الأمم، ووصيناكم أنتم ﴿أن اتقوا الله﴾ بإن تمتثلوا أوامره، وتجتنبوا نواهيَه، ظاهرًا وباطنًا، وقلنا لهم ولكم :﴿وإن تكفروا﴾ فإن الله غني عن كفركم وشكركم ؛ فقد استقر له ﴿ما في السماوات وما في الأرض﴾ ملكًا وعبيدًا، فله فيهما من الملائكة من هو أطوع منكم، فلا يتضرر بكفركم، كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم، وإنما أوصاكم رحمًة بكم، لا لحاجة إليكم، ثم قرر ذلك بقوله :﴿وكان الله غنيًا حميدًا﴾ أي : غنيًا عن الخلق وعبادتهم، محمودًا في ذاته، حُمِد أو لم يُحمد. ﴿ولله ما في السماوات وما في الإرض﴾ كرره ثالثًا ؛ للدلالة على كونه غنيًا حميدًا، فإن جميع المخلوقات تدل بحاجتها على غناه، وبما أفاض عليها من الوجود، وأنواع الخصائص والكمالات على كونه حميدًا. قاله البيضاوي. ﴿وكفى بالله وكيلاً﴾ أي :
١١٠
حافظًا ومجيرًا لمن تعلق به من أهل السماوات والأرض. ﴿إن يشأ يذهبكم أيها الناس﴾ إن لم تتقوه، ويأت بقوم آخرين، هم أطوع منكم وأتقى، ﴿وكان الله على ذلك قديرًا﴾ أي : بليغ القدرة لا يعجزه مُراد.