رُوِي أن أبا هريرة رضي الله عنه نادى في سوق المدينة : يا معشر التجار، اذهبوا إلى المسجد، فأنَّ تركة مُحمدٍ تقسم فيه، لتأخذوا حقكم منها مع الناس قبل أن تنفد، فذهب التُجَّارُ إلى المسجد النبوي، فوجدوه معمورًا بالناس، بعضهم يُصلي، وبعضهم يتلو، وبعضهم يذكر، وبعضهم يعلم العلم، فقالوا : يا أبا هريرة، ليس هنا ما ذكرت من قسم التركة! فقال لهم :(هذه تركة محمد ﷺ، لا ما أنتم عليه من جمع الأموال) أو كما قال رضي الله عنه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١١
١٢
قلت : ـ هنا ـ شرطية، تخلص للاستقبال، وجوابها :﴿خافوا﴾، وحذف مفعول ﴿يخشى﴾ للعموم، فيصدق بخشية العذاب وخشية العتاب وخشية البعد عن الأحباب، على حساب حال المخاطبين بهذه الخشية.
يقول الحقّ جلّ جلاله : للأوصياء الذين في ولايتهم أولاد الناس :﴿وليخش﴾ الذين يتولون يتامى الناس، فليحفظوا مالهم، وليحسنوا تنميته لهم ولا يضيعوه، وليخافوا عليهم الضيعة، كما يخافون على أولادهم، فإنهم لو ماتوا وتركوا ﴿ذرية ضعافًا خافوا عليهم﴾، فكما يخافون على أولادهم بعدهم كذلك يخافون على أولاد الناس، ﴿فليتقوا الله﴾ في شأنهم، وليحفظوا عليهم أموالهم، وليرفقوا بهم ويلاطفوهم في الكلام، كما يُحبون أن يلاطف بأولادهم، ﴿وليقولوا﴾ لهم ﴿قولاً سديدًا﴾ أي : عدلاً صوابًا بالشفقة وحسن الأدب.
وقيل : الخطاب لمن حضر المريض عند الإيصاء فيقولون له : قدم لنفسك، أعتق، تصدق، أعط كذا، حتى يستغرق ماله، فنهاهم الحق ـ تعالى ـ عن ذلك، وقال لهم : كما تخافون الضيعة على أولادكم بعدكم خافوا على أولاد الناس، فليتقوا الله في أمر المريض بإعطاء ماله كله، ﴿وليقولوا قولاً سديدًا﴾ : عدلاً، وهو الثلث، وقيل : للمؤمنين كلهم عند موتهم، بأن ينظروا للورثة، فلا يسرفوا في الوصية بمجاوزة الثلث. والله تعالى أعلم.