الإشارة : أمر الحق ـ جل جلاله ـ أهل التربية النبوية إذا خافوا على أولادهم الروحانيين أن ينقطعوا بعد موتهم، أن يمدوهم بالمدد الأبهر، ويدلوهم على الغني الأكبر، حتى يتركوهم أغنياء بالله، قد اكتفوا عن كل أحد سواه، مخافة أن يسقطوا بعد موتهم في يد من يلعب بهم، فليتقوا الله في شأنهم، وليدلوهم على ربهم، وهو القول السديد.
وينسحب حكمها على أولاد البشرية، فمن خاف على أولاده بعد موته، فليتق الله وليكثر من طاعة الله، وليحسن إلى عباد الله، في أشباحهم وأرواحهم أما أشباحهم فيُطعمهم مما خوله الله، ففي بعض الأثر عنه عليه الصلاة والسلام :" ما أحْسَنَ عَبْدٌ الصَّدَقَةَ في مَاله إلا أحْسَنَ اللهُ الخِلافَةَ عَلَى تَرِكَته " وأما الإحسان إلى أرواحهم، فيدلهم على الله، ويرشدهم إلى طاعة الله، ويعلمهم أحكام دين الله. فمن فعل هذا تولى الله حفظ ذريته من بعده، فيعيشون في حفظ ورعاية وعز ونصر، كما هو مشاهد في أولاد الصالحين، قال تعالى :﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الْصَّالِحِينَ﴾ [الأعرَاف : ١٩٦]، وتذكر قوله تعالى :﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف : ٨٢].
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢
وقال القشيري في هذه الآية : إن الذي ينبغي للمسلم أن يدخر لعياله التقوى والصلاح، لا المال، لأنه لم يقل فليجمعوا لهم المال، وليكثروا لهم العقار
١٣
والأسباب، وليخلفوا العبيد والأثاث، بل قال :﴿فليتقوا الله﴾ فإنه يتولى الصالحين. هـ المراد منه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢
قلت :﴿ظلمًا﴾ : تمييز، أو مفعول لأجله.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا﴾ من غير موجب شرعي، ﴿إنما يأكلون في بطونهم نارًا﴾، أي : ما يجُر إلى النار ويؤول إليها.