يقول الحقّ جلّ جلاله : ليس أهل الكتاب كلهم كما ذكرنا، ﴿لكن الراسخون في العلم منهم﴾ كعبد الله بن سلام، ومخيريق، وغيرهما ممن له علم بالكتب المتقدمة، ﴿والمؤمنون﴾ منهم بمحمد ﷺ، من وعوامهم حال كونهم ﴿يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك﴾ أي : يؤمنون إيمانًا كاملاً بلا تفريق، وأخص ﴿المقيمين الصلاة﴾، المتقنين لها، ﴿المؤتون الزكاة﴾ المفروضة، ﴿والمؤمنون﴾ منهم ﴿بالله واليوم الآخر﴾، على صفة ما جاء به القرآن من البعث بالأجسام والحساب وغير ذلك ؛ مما هو مقرر في السنة، ﴿أولئك سنؤتيهم أجرًا عظيمًا﴾، فتكون الآية كلها في أهل الكتاب.
أو يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿لكن الراسخون في العلم﴾ من أهل الكتاب، ﴿والمؤمنون﴾ بمحمد ﷺ، من العرب، ﴿والمقيمين الصلوة﴾ منهم، ﴿والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرًا عظيمًا﴾.
الإشارة : كل من تحقّقت توبته بعد عصيانه، وظهرت يقظته بعد غفلاته، ورسخ في العلم بالله وبصفاته وأسمائه ؛ التحق بالسابقين، وحشر مع المقربين، وكان ممن أوتي أجرًا عظيمًا وخيرًا جسيمًا، والحمد الله رب العالمين.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٧
قلت : من قرأ ﴿زبورًا﴾ بالفتح، فالمراد به كتاب الزبور، ومن قرأ بالضم، فجمع " زِبر " ؛ بكسر الزاي وسكون الباء بمعنى مزبورًا، أي : مكتوبًا، أي آتينا داود كتبًا متعددة، و ﴿رسلاً﴾ : منصوب بمحذوف دل عليه، ﴿أوحينا﴾، أي : أرسلنا رسلاً، أو يفسره ما بعده، أي : قصصنا عليك رسلاً، و ﴿رسلاً مبشرين﴾ : منصوب على البدل، أو على المدح، أو بإضمار أرسلنا، أو على الحال الموطئة لما بعده، كقولك : مررت بزيد رجلاً صالحًا.