كل ذكر بأنثيين، فإذا ترك ابنًا وبنتًا، كانت من ثلاثة للذكر سهمان وللبنت سهم، وإذا ترك ابنًا وبنتين فله قسمتان، ولكل واحدة قسمة، وهكذا، قال ابن جزي : هذه الآية نزلت بسبب سعد بن الربيع، وقيل : بسبب جابر بن عبد الله، إذ عاده رسول الله ﷺ في مرضه ؛ ورفَعت ما كان في الجاهلية من ترك توريث النساء والأطفال. وقيل : نُسخت الوصية للوالدين والأقربين.
وإنما قال :﴿يوصيكم﴾ بلفظ الفعل الدائم، ولم يقل : أوصاكم، تنبيهًا على نسخ ما مضى، والشروع في حكم آخر، وإنما قال :﴿يوصيكم﴾ بالاسم الظاهر، أي :﴿الله﴾ ولم يقل : نوصيكم، لأنه أراد تعظيم الوصية، فجاء بالاسم الذي هو أعظم الأسماء، وإنما قال :﴿في أولادكم﴾ ولم يقل : في أبنائكم ؛ لأن الابن يقع على الابن من الرضاعة، وعلى ابن البنت، وعلى الابن المتبنى، وليسوا من الورثة، فإن قيل : هلاّ قال : للأنثيين مثل حظ الذَّكر، أو للأنثى نصف حظ الذَّكر ؟، فالجواب، أنه بدأ بالذَّكَرِ لفضله، ولأن القصد ذكُر حظه، ولو قال للأنثيين مثل حظ الذكر لكان فيه تفضيل للإناث. هـ.
الأشارة : كما أوصى الله ـ تعالى ـ في أولاد البشرية، أوصى على أولاد الروحانية، ويقع التفضيل في قسمة الإمداد على حسب التعظيم والمحبة والعطف من الشيخ، فبقدر ما يقع في قلب الشيخ، يسري إليه المدد، فقد يأخذ مثل حظ رجلين أو أكثر، على حسب ما سبق من القسمة الأزلية. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣
ثم ذكر حكم البنات إذا انفردن، فقال :
﴿... فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ...﴾
قلت : أنث الضمير ﴿كنّ﴾ باعتبار الخبر، أو يعود على المتروكات، وما قاله الزمخشري بعيد. ومن قرأ ﴿واحدةُ﴾ بالرفع، ففاعل كان التامة، ومن قرأ بالنصب فخبر كان.


الصفحة التالية
Icon