جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٥
وطعامكم حِلٌّ لهم}، فلا بأس أن تُطعموهم من طعامكم، وتبيعوه لهم، وأما ما حرم عليهم، فلا يجوز بيعه منهم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : يسألونك أيها العارف الرباني ماذ أحل للفقراء من الأعمال والأحوال، قل لهم : أحل لكم الطيبات، أي : الخالص من الأعمال، والصافي من الأحوال، والتلذذ بحلاوة المشاهدة والمكالمة، وما اصطادت لكم أنفسكم من العلوم اللدنية والأسرار القدسية، بقدر تزكيتها وتربيتها، فكلوا مما أمسكن عليكم، أي : تمتعوا بما أتت به لكم من أبكار الحِكَم وعرائس الحقائق، فإن أتت شيء من علوم الحس، فاذكروا اسم الله عليه ينقلب معاني، واتقوا الله أن تقفوا مع شيء سواه، ﴿إن الله سريع الحساب﴾ ؛ فيحاسبكم على الخواطر والطوارق إن لم تعرفوا فيها. اليوم أحل لكم الطيبات، أي : حين دخلتم بلاد المعاني ورسختم فيها، أحل لكم التمتع بالمشاهدات والمناجات، وطعام العلوم الظاهرة حِلٌّ لكم تتوسعون بها، وطعامكم حل لهم، أي : وتذكيركم بما يقدرون عليه حِلٌّ لهم ؛ لأن العارف الكامل يُسير كل واحد على سيره، ويتلون معه بلونه، يُقره في بلده ويحوشه إلى ربه. نفعنا الله بذكره. آمين.
ثم تكلم على ما بقي من حفظ الأنساب، وهو جواز نكاح الكتابية ؛ إذ لم يتكلم عليه في سورة النساء، فقال :
﴿... وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيا أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon