قلت :﴿إذا قمتم﴾ : أردتم القيام، كقوله :﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقٌرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ [ النّحل : ٩٨]، حذف الإرادة للإيجاز، وللتنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي أن يبادر إليها، بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة، وقوله :﴿برؤوسكم﴾ الباء للإلصاق، تقول : أمسكتُ بثوب زيد، أي : ألصقت يدي به، أي : ألصقوا المسح برؤوسكم، أو للتبعيض، وهذا سبب الخلاف في مسحه كله أو بعضه، فقال مالك : واجب كله، وقال الشافعي : أقل ما يقع عليه اسم الرأس، ولو قلّ. وقال أبو حنيفة : الربع.
﴿وأرجلكم﴾، مَن نَصَبَ عطف على الوجه، ومن خفض فعلى الجوار، وفائدته : التنبيه على قلة صبَّ الماء، حتى يكون غسلاً يقرب من المسح. قاله البيضاوي : ورده في
١٤٨
المُغني فقال : الجوار يكون في النعت قليلاً، وفي التوكيد نادرًا، ولا يكون في النسق ؛ لأن العاطف يمنع من التجاور، وقال الزمخشري : لمّا كانت الأرجل بين الأعضاء الثلاثة مغسولات، تغسل بصب الماء عليها، كان مظنة الإسراف المذموم شرعًا، فعطف على الممسوح لا لتمسح، ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها، وجيء فيهما بالغاية إماطة لظن من يظن أنها ممسوحة ؛ لأن المسح لم يضرب له غاية في الشريعة. هـ.