يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ إذا أردتم القيام ﴿إلى الصلاة﴾ وأنتم محدثون ﴿فاغسلوا وجوهكم﴾ من منابت شعر الرأس المعتاد إلى الذقن، ومن الأذن إلى الأذن، ﴿وأيديكم إلى المرافق﴾ أي : معها، ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ أي : جميعها أو بعضها على خلاف، ﴿وأرجلكم إلى الكعبين﴾ العظمين الناتئين في مفصلي الساقين، فهذه أربعة فرائض، وبقيت النية لقوله :﴿وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللهَ مُخْلِصِينَ﴾ [البَيّنَة : ٥]، ولقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إنما الأعمال بالنيات " والدلك ؛ إذًا لا يسمى غسلاً إلا به، وإلا كان غمسًا، والفور ؛ لأن العبادة إذا لم تتصل كانت عبثًا. ولمّا عطفت بالواو، وهي لا ترتب، علمنا أن الترتيب سنة.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٨
وإن كنتم مرضى﴾ لم تقدروا على الماء ﴿أو على سفر﴾ ولم تجدوه، أو في الحضر ؛ و ﴿جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء﴾ بالجماع أو غيره ﴿ولم تجدوا ماء فتيموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم﴾ أي : جميعه ﴿وأيديكم منه﴾، وقيد الحضر بفقد الماء دون السفر ؛ لأن السفر مظنة إعوازه، فالآية نص في تيمم الحاضر الصحيح للصلوات كلها. قال البيضاوي : وإنما كرره، ـ يعني مع ما في النساء ـ ليتصل الكلام في بيان أنواع الطهارة. هـ.