قلت : محصل كلامه أن من سقط على شيخ التربية، كان كمن وجد الماء فاستعمل الطهارة الأصلية الحقيقية، ومن لم يسقط على شيخ التربية، كان كالمستعمل للطهارة الفرعية المجازية ؛ وهي التيمم، وإلى ذلك أشار الغزالي، لما سقط على الشيخ، ولامه ابن العربي الفقيه على التجريد، فقال :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٨
قّد تَيَمَّمت بالصَّعِيدِ زَمَانًا
والآن قّد ظَفِرتَ بالمَاء
مَن سَرَى مطبقَ الجُفُونِ وأضحى
فَاتِحًا لا يردُّها للعَمَاء
ثم قال : لمَّا طَلَعَ قمرُ السَّعَادةِ في ملك الإرَادَة وأشرقت شمسُ الوُصوُلِ على أُفقِ الأُصُول :
تَرَكتُ هَوَى لَيلَى وسُعدَى بمعزلٍ
ومِلتُ إلى عَليَاءِ أول مَنزلِ
فنادَتني الأوطانُ أهلاً ومرحَبًا
إلا أيها السَّارِي رُوَيدَكَ فانزِلِ
غَزَلْتُ لهم غَزلاً رقِيقًا فلم أجِد
لِغزلِي نَسَّاجًا فَكسَّرتُ مِغزَلِي
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٨
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿واذكروا نعمة الله عليكم﴾ بالهداية والعز والنصر، ﴿و﴾ اذكروا ﴿ميثاقه الذي واثقكم به﴾ حين بايعتم نبيه في بيعة العقبة وبيعة الرضوان على
١٥٠
الجهاد وإظهار الدين، وعلى السمع والطاعة المنشط والمكره، حين ﴿قلتم﴾ له :﴿سمعنا وأطعنا﴾ فيما تأمرنا به في عسرنا ويسرنا، في منشطنا ومكرهنا، ﴿واتقوا الله﴾ في نقض العهود، ﴿إن الله عليكم بذات الصدور﴾ أي : خفياتها، فيجازيكم عليها، فضلاً عن جليات أعمالكم، والمقصود : الترغيب في الجهاد الذي هو من كمال الدين.