الإشارة : يقال للفقراء الذين مّن الله عليهم بصحبة شيوخ التربية، وأخذوا عنهم العهد ألا يخالفوهم : اذكروا نعمة الله عليكم، حيث يسَّر لكم من يُسَيّركم إلى حضرة ربكم، ويعرفكم به، وغيركم يقول : إنه معدوم، أو خفي لا يعرفه أحد، وهذا الكنز الذي سقطتم عليه، قلَّ من وجده، واذكروا أيضًا ميثاقه الذي واثقه عليكم ألا تخالفوهم، ولو أدى الأمر إلى حتف أنفكم.
كان شيخ شيوخنا ـ سيدي العربي بن عبد الله، يقول : الفقير الصادق، هو الذي إذا قال له شيخه : ادخل في عين الإبرة، يقوم مبادرًا يُحاول ذلك، ولا يتردد. وقال أيضًا :( صاحبي هو الذي نقتله بشعرة)، وقد تقرر أن من قال لشيخه : لِمَ، لا يفلح، وهذا أمر مقرر في علم التربية ؛ كما في قضية الخضر مع سيدنا موسى ـ عليه السلام ـ. واتقوا الله في اعتقاد مخالفتهم سرًا ؛ ﴿إن الله عليم بذات الصدور﴾ فإن الاعتراض سرًا أقبح ؛ لانه خيانة، فليبادر المريد بالتوبة منه ويغسله من قلبه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥٠
قلت :﴿وعد﴾ : يتعدى إلى مفعولين، وحذف هذا الثاني، أي : وعدهم أجرًا عظيمًا، دل عليه الجملة بعده.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ؛ عَامٌّ أريد به خاص، وهم أولو الأمر منهم، الذين يلُون الحكم بين الناس، وما تقدم في سورة النساء باقٍ على عمومه، أي :﴿كونوا قوامين﴾ على من تحت حكمكم، راعين لهم ؛ فإنكم مسؤولون عن رعيتكم، وكونوا مخلصين ﴿لله﴾ في قيامكم وولايتكم، ﴿شهداء﴾ على أنفسكم بالعدل، تشهدون عليها بالحق إن توجه عليها، ولا تمنعكم الرئاسة من الإنصاف في
١٥١
الحق، إن توجه عليكم، أو على أقاربكم وأصدقائكم، ولا على عدوكم ﴿ولا يجرمنكم﴾ أي : ولا يحملنكم ﴿شنئان قوم﴾ أي : شدة بغضهم لكم، ﴿على ألا تعدلوا﴾ فيهم، فتمنعوهم من حقهم، أو تزيدوا في نكالهم، تشفيًا وغيظًا.