الإشارة : أمر الحق جل جلاله شيوخ التربية أن يعدلوا بين الفقراء في النظرة والإمداد، ولا يحملهم سوء آدب أحدهم، أو قلة محبته وصدقه، أن يبعده أو يمقته ؛ لأن قلوبهم صافية، لا تحمل الكدر، فهم يحسنون إلى من أساء إليهم من العوام، فضلاً عن أصحابهم ؛ فهم مأمورون بالتسوية بينهم في التذكير والإمداد. والله تعالى يقسم بينهم على قدر صدقهم ومحبتهم، كما قال ﷺ :" إنما أنا قاسمٌ والله مُعطي " أي : إنما أنا أُبين كيفية التوصل إلى الحق، والله ـ تعالى ـ يتولى إعطاء ذلك لمن يشاء من خلقه، فالأنبياء والأولياء مثلهم في بيان الطريق بالوعظ والتذكير، كمن يُبين قسمة التركة بالقلم، والحاكم هو الذي يوصل إلى كل واحد من الورثة ما كان يَنُوبُه في التركة، كذلك المذكِّر والمربي، بين المقامات، والله يعطي ذلك بحكمته وفضله. والله تعالى أعلم.
١٥٢
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥١
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين أمنوا اذكروا نعمة الله عليكم﴾ بحفظه إياكم من عدوكم ؛ ﴿إذ هَمَّ قوم﴾ أي : حين هَمَّ الكفار ﴿أن يبسطوا إليكم أيديهم﴾ بالقتل، ﴿فكفّ أيديهم عنكم﴾، ولما كانت مصيبة قتل النبي ﷺ ـ لو قُتل ـ تَعُمُّ المؤمنين كلهم، خاطبهم جميعاً، وهي إشارة إلى ما همت به بنو قريظة، من قتله ﷺ، وذلك أنه ﷺ أتى بني قريظة، ومعه الخلفاءُ الأربعة ؛ يَستَعينهم في دية رجلين مسلمين، قتلهما عَمرو بن أمية الضمري، خطأ، يظنهما مشركَين، فقالوا : نعم يا أبا القاسم، قد آن لنا أن نعينك فاجلس حتى تطعم، فأجلسوه، وهموا بقتله، فعمد عَمرُو بن جُحَاش إلى رَحى عظيمةٍ ليَطرحَها عليه، فأمسَكَ اللهُ يده، ونزل جِبرِيلُ فأخبَرُه، فخَرَج النَّبي ﷺ إلى المدينة ولحقه أصحابُه، وهذا كان سبب قتلهم في غزوة بن قريظة.


الصفحة التالية
Icon