الإشارة : قد أخذ الله على هذه الأمة أن يلتزموا أحكام القرآن، ويحافظوا على مراسم الإسلام والإيمان ويجاهدوا نفوسهم في تحصيل مقام الإحسان، وبَعث من يقوم ببيان شرائع الإسلام والإيمان، ومن يعرف الطريق إلى مقام الإحسان، وقال الله لهم :﴿إني معكم﴾ بالنصر والتأييد، لئن أقمتم شرائع الإسلام، وحققتم قواعد الإيمان وعظمتم من يعرفكم بطريق الإحسان، لأغطين مساوئكم، ولأمحقن دعاويكم، فأوصلكم بما منى إليكم من الكرم والجود، ولأدخلنكم جنة المعارف تجري من تحتها أنهار العلوم وأنواع الحِكَم، فمن لم يقم بهذا، أو جحده فقد ضل عن طريق الرشاد، ومن نقض عهد الشيوخ المعرفين بمقام الإحسان، فقد طرد وأبعد غاية الإبعاد، وقسا قلبه، بعد اللين. وقد ذكرنا في تفسير الفاتحه الكبير معنى النقباء والنجباء وسائر مراتب الأولياء، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
١٥٥
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥٤
يقول الحقّ جلّ جلاله : وأخذنا أيضًا عهدًا وميثاقًا من النصارى، الذين سموا أنفسهم نصارى ؛ ادعاء لنصرة عيسى عليه السلام ولم يقوموا بواجب ذلك عملاً واعتقادًا، أخذناه عليهم بالتزام أحكام الإنجيل، وأن يؤمنوا بالله وحده لا شريك له، ولا صاحبة ولا ولد، وأن يؤمنوا بمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن أدركوه ويتبعوه، ﴿فنسوا حظًا مما ذُكروا به﴾ أي : نسوا ما ذكرناهم به، وتركوا حظًا واجبًا مما كلفوا به، ﴿فأغرينا﴾ أي : سلطنا ﴿بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة﴾، فهم يقتتلون في البر والبحر، ويتحاربون إلى يوم القيامة، فكل فرقة تلعن أختها وتكفرها، أو بينهم وبين اليهود، فالعداوة بينهم دائمة، ﴿وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون﴾ بالجزاء العقاب.


الصفحة التالية
Icon