﴿وآتاكم ما لم يُؤت أحدًا من العالمين﴾ من فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى، ونحوها، أو المراد عالمي زمانهم، وعن أبي سعيد الخدري قال النبي ﷺ :" كَانَ بنو إسرَائيل إذا كَانَ لأحَدِهم خَادِمٌ وامرَأة يُكتَب مَلِكًا " وقال ابن عباس :( من كان له بيت وخادم وامراة فهو مَلِك)، وعن أبي الدرداء قال : قال النبي ﷺ " مَن أصبَحَ مُعَافّى في بَدَنِه، آمنًا في سِربِه، عِندَه قُوتُ يَومِه، فكأنما حِيزَت له الدنيا بحذافيرها، يكفيكَ منها، يا ابنَ آدم، ما سَدَّ جوعَتَكَ، وَوَارَ عَورَتك، فإن كان بيتٌ
١٦١
يُوارِيك فذاك، وإن كانت دابة فبخ بخ، فلق الخبز، وماء الجر وما فَوق الإزار حِسَابٌ عليك ". وقال الضحاك :(كانت منازلهم واسعة، فيها مياه جارية، فمن كان مسكنه واسعًا وفيه ماء جارٍ، فهو مالك). وقال قتادة : كانوا أول من ملك الخدم، وأول من سخر لهم الخدم من بني آدم. هـ.
الإشارة : كل من رزقه الله من يأخذ بيده ومن يستعين به على ذكر ربه، فليذكر نعمة الله عليه، فقد أسبغ الله عليه نعمه ظاهرة وباطنة. وكل من ملك نفسه وهواه، وأغناه الله عما سواه، فهو ملك من الملوك. وكل من خرجت فكرته عن دائرة الأكوان، واتصل بفضاء الشهود والعيان، فقد آتاه الله ما لم يؤت أحدًا من العالمين. وقد كُنتُ ذات يوم جالسًا في الجامع الأعظم من مدينة تطوان، فانتبعت فإذا مصحف إلى جنبي، فقال لي الهاتف : انظر تجد مقامك، فأعرضت عنه، فأعاد عليَّ الهاتف ثلاث مرات، فرفعته، ونظرت، فإذا في أول الورقة :﴿وآتاكم ما لم يؤت أحدًا من العالمين﴾، فحمدت الله تعالى وأثنيت عليه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦١