عليهم فقال :﴿فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين﴾ أي : احكم بيننا وبينهم بما يستحق كل واحد منا ومنهم، أو بالتبعيد بيننا وبينهم، وتخليصنا من صحبتهم.
رُوِي أنه لما دعا عليهم ظهر فوقهم الغمام، وأوحى الله إليه : يا موسى إلى متى يعصي هذا الشعب ؟ لأُهلكنهم جميعًا، فشفع فيهم موسى عليه السلام فقال الله تعالى له : قد غفرت لهم بشفاعتك، ولكن بعد ما سَميتَهم فاسقين، ودعوت عليهم، بي حلفت لأحرمنَّ عليهم دخول الأرض المقدسة، وذلك قوله تعالى :﴿قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض﴾ يحتمل أن يكون " أربعين " متعلقًا بمحرمة، فيكون التحريم عليهم مؤقتًا غير مؤبد فيوافق ظاهر قوله :﴿التي كتب الله لكم﴾.
ويؤيد هذا ما رُوِي أن موسى ـ عليه السلام ـ لما خرج من التيه، سار بمن بقي معه من بني إسرائيل، ويوشع على مقدمته، ففتح بيت المقدس، فبقي فيها ما شاء الله، ثم قبض. ويحتمل أن يكون " أربعين " متعلقًا ب ﴿يتيهون﴾، فيكون التحريم مؤبدًا، وعلى هذا لم يبق أحد ممن دخل التيه إلا يوشع وكالب، ولم يدخل الأرض المقدسة أحد ممن قال له :﴿اذهب أنت وربك...﴾، بل كلهم هلكوا في التيه، وإنما دخلها أشياعهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٢


الصفحة التالية
Icon