رُوِي أن موسى عليه السلام لما حضره الموت في التيه أخبرهم بأن يوشع بعده نبي، وأن الله أمره بقتال الجبابرة، فسار بهم يوشع، وقاتل الجبابرة وكان القتال يوم الجمعة، فبقيت منهم بقية، وكادت الشمس أن تغرب ليلة السبت، فخشي أن يعجزوه، فقال : اللهم اردد الشمس عليَّ، وقال للشمس : إنك في طاعة الله وأنا في طاعته، فوقفت مثل يوم حتى قتلهم، ثم قتل ملوك الأرمانيين، وقتل مِن ملوك الشام أحدًا وثلاثين ملكًا، فصارت الشام كلها لبني إسرائيل، وفرَّق عماله في تواحيها، وبقيت بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة يتيهون في الأرض في ستة فراسخ، بين فلسطين وأيلة، متحيرين، يسيرون من الصباح إلى السماء جادين في السير، فإذا هم بحيث ارتحلوا عنه، ثم يسيرون بالليل كذلك فيصبحون حيث ارتحلوا، وكان الغمام يظلهم من الشمس وعمود من نور يطلع بالليل فيضيء لهم، وكان طعامهم المن والسلوى، وماؤهم من الحجر الذي يحمله موسى، واختلف في الكسوة، فقيل : أبقى الله كسوتهم معجزة لموسى، وقيل : كساهم مثل الظفر. والأكثر أن موسى وهارون كانا معهم زيادة في درجاتهما، وكان عقوبة لقومهما وأنهما ماتا فيه، مات هارون أولاً ودفنه أخوه في كهف، وقيل : رُفع على سرير في قبة، ثم مات موسى ـ عليه السلام ـ ودفن بقرب من الأرض المقدسة، رمية بحجر، كما في الحديث، ثم دخل يوشع الأرض المقدسة بعد ثلاثة أشهر. والله تعالى أعلم.
ثم قال تعالى لموسى عليه السلام :﴿فلا تأس﴾ أي : لا تخزن، ﴿على القوم الفاسقين﴾، خاطبه الحق تعالى بذلك لمَّا ندم على الدعاء عليهم، فقال له : أنهم أحق بذلك لفسقهم وعصيانهم.
١٦٤


الصفحة التالية
Icon