يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿واتل عليهم﴾ أي : على بني إسرائيل ؛ إذ الكلام كان معهم، أو على جميع الأمة، أو على جميع الناس، إذ هو أول الكلام على بقية حفظ الأبدان ـ ﴿نبأ ابني آدم﴾ وهو قابيل وهابيل ﴿بالحق﴾ أي : تلاوة ملتبسة بالحق، أو نبأ ملتبسًا بالحق موافقًا لما في كتب الأوائل.
﴿إذ قرّبا قربانًا فتُقبل من أحدهما﴾ وهو هابيل، ﴿ولم يتُقبل من الآخر﴾ وهو قابيل، وسبب تقريبهما القربان أن آدم ـ عليه السلام ـ كان يُولد له من حواء توأمان في كل بطن : غلام وجارية، إلا شيتًا، فإنه ولد منفردًا، وكان جميع ما ولدته حواء أربعين، بين ذكر وأنثى، في عشرين بطنًا، أولهم قابيل، وتوأمته أقليما، وآخرهم عبد المغيث، ثم بارك الله في نسل آدم. قال ابن عباس : لم يمت آدم حتى بلغ ولده، وولد ولده، أربعين ألفًا، ورأى فيهم الزنا وشُرب الخمر والفساد، وكان غشيان آدم لحواء بعد مهبطهما إلى الأرض، وقال ابن إسحق عن بعض العلماء بالكتاب الأول : إن آدم كان يغشى حواء في الجنة، قبل أن يصيب الخطيئة، فحملت في الجنة بقابيل وتوأمته، ولم تجد عليهما وحمًا ولا غيره، وحملت في الأرض بهابيل وتوأمته، فوجدت عليهما الرحم والوصب والطلق والدم.
وكان آدم إذا كبر ولده يزوج غلام هذا البطن بجارية بطن آخر، فكان الرجل يتزوج أيّ أخواته شاء إلا تَوأمَته، لأنه لم يكن نساء يومئٍذ، فأمر الله تعالى آدم أن يزوج قابيل لَودَاء توأمة هابيل، وينكح هابيل أقليما أخت قابيل، وكانت أحسن الناس، فرضي هابيل وسخط قابيل، وقال : أختي أحسن، وهي من ولادة الجنة، وأنا أحق بها، فقال له أبوه : لا تحل لك، فأبى، فقال لهما آدم : قربًا وقربانًا، فأيكما قُبل قربانه فهو أحق بها.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٥


الصفحة التالية
Icon