الإشارة : قد وصف الله تعالى القرآن بأعظم مما وصف به التوراة. قال تعالى :﴿قَدْ جَآءَكُم بُرْهَانٌ مِنّ رَّبِكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا﴾ [النساء : ١٧٤]، فجعل التوراة ظرفًا للهداية والنور، وجعل القرآن نفس النور والهداية. وربانيو هذه الأمة : أولياؤها العارفون بالله، الذين يربون الناس ويرشدونهم إلى معرفة الشهود والعيان، وأحبارها : علماؤها. وقال الورتجبي : الرباني الذي نسب إلى الرب بالمعرفة والمحبة والتوحيد، فإذا وصل إلى الحق بهذه المراتب، واستقام في شهود جلاله وجماله، صار متصفًا بصفات الله ـ جل جلاله ـ، حاملاً أنوار ذاته، فإذا فنى عن نفسه وبقي بربه، صار ربانيًا، مثل الحديد في النار، إذا لم يكن في النار كان مستعدًا لقبول النار، فإذا وصل إلى النار واحمر، صار ناريًّا، هكذا شأن العارف، فإذا كان منورًا بتجلي الرب، صار ربانيًا نورانيًّا ملكوتيًّا جبروتيًّا، كلامه من الرب إلى الرب مع الرب، ثم قال : العارف مخاطب من الله في جمع أنفاسه، وحركاته، ينزل على قلبه من الله وحي الإلهام، وربما يخاطبه بنفسه، ويكلمه بكلامه، ويحدثه بحديثه، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إنَّ في أُمَتي محدَثين أو مُكَلَّمين وإِنَّ عُمَرِ مِنهُم " هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٧٩
قلت : من نصب الجميع : فَعَطَفٌ على النفس، و ﴿قصاص﴾ : خبر إن، ومن رفع العين : فيحتمل أن يكون مستأنفًا مرفوعًا بالابتداء، و ﴿قصاص﴾ : خبر، من عطف الجمل، أو يكون عطفًا على موضع النفس ؛ لأن المعنى : قلنا لهم : النفس بالنفس، أو على الضمير المستكن في الخبر، ومن رفع الجروح فقط، ما تقدم في العين.