قيل لعمرَ بن عبد العزيز : ما ألذُ الأشياءِ عندك ؟ قال : حق وافق هواي. وفي الحديث عنه ﷺ " لاَ يُؤمِنُ أُحَدُكُم حَتَّى يكُون هواه تابعًا لما جئتُ به "، وفي الحِكَم :" يُخاف عليك أن تلتبس الطرقُ عليك، إنما يُخاف عليك من غَلِبَةِ الهوى عليك ".
فمن تولى عن هذا المنهاج الواضح، وجعل يتبع الهوى ويسلك طريق الرخص، فليعلم أن الله أراد أن يعاقبه ببعض سواء أدبه، حتى يخرج عن منهاج السالكين، والعياذ بالله، أو يؤدبه في الدنيا إن كان متوجهًا إليه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٥
١٨٦
قلت :﴿يقول الذين آمنوا﴾ قرىء بغير واو ؛ استئنافًا، وكأنه جواب عن سؤال، أي : ماذا يقول المؤمنون حينئٍذ ؟ فقال : يقول... الخ، وقرىء بالواو والرفع ؛ عطف جملة على جملة، وقرىء بالواو والنصب ؛ عطف على ﴿فيصبحوا﴾ أو ﴿يأتي﴾.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء﴾ تنتصرون بهم، أو تعاشرونهم معاشرة الأحباب، أو تتوددون إليهم، وأما معاملتهم من غير مودة فلا بأس، ثم علل النهي عن موالاتهم فقال : هم ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ أي : لأنهم متفقون على خلافكم، يوالي بعضهم بعضًا لا تحادهم في الدين، وإجماعهم على مضادتكم، ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ أي : من والاهم منكم فإنه من جملتهم.
قال البيضاوي : وهذا تشديد في وجوب مجانبتهم، كما قال ﷺ " المؤمنُ والمشركُ لا تَتَراءى نَارهَمَا " أو لأن الموالين لهم كانوا منافقين. هـ.


الصفحة التالية
Icon