﴿ويقول الذين آمنوا﴾ حينئٍذ ـ أي : حين فتح الله على رسوله وفضح سريرة المنافقين ـ :﴿أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم﴾، يقولهُ المؤمنون بعضهم لبعض، تعجبًا من حال المنافقين وتبجحًا بما منَّ الله عليهم من الإخلاص، أو يقولونه لليهود ؛ لأن المنافقين حلفوا لهم بالمناصرة، كما حكى تعالى عنهم ﴿وَإٍن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَكُمْ﴾ [الحَشر : ١١] قاله البيضاوي. وقوله :﴿حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين﴾.
يحتمل أن يكون من كلام المؤمنين، أو من قول الله تعالى، شهادة عليهم بحبوط أعمالهم، وفيه معنى التعجب، كأنه قال : ما أحباط أعمالهم وما أخسرهم! والله تعالى أعلم.
الإشارة : قد تقدم مرارًا النهيُ عن موالاة الغافلين، وخصوصًا الفجار منهم، ويلتحق بهم القراء المداهنون ؛ وهم فسقة الطلبة ؛ الذين هم على سبيل الشيطان، والفقراء الجاهلون ؛ وهم من لا شيخ لهم يصلح للتربية، والعلماء المتجمدون، فصحبة هؤلاء تقدح في صفاء البصيرة، وتخمد نور السريرة، وكل من تراه من الفقراء يميل إلى هؤلاء خشية الدوائر، ففيه نزعة من المنافقين. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٦
قلت :﴿من﴾ : شرطية، و ﴿يرتد﴾ : فعل الشرط، فمن قرأه بالتفكيك فعلى الأصل، ومن قرأه بالإدغام ففتحه تخفيفًا. وجملة ﴿فسوف يأتي﴾ : جواب، والعائد من الجملة محذوف، أي : فسوف يأتي الله بقوم مكانهم... الخ. و ﴿أذلة﴾ : نعت ثاني لقوم، جمع ذليل، وأتى به مع علي ؛ لتضمنه معنى العطف والحنو، و ﴿لا يخافون﴾ : عطف على يجاهدون، وجملة :﴿وهم راكعون﴾ : حال إن نزلت في عليّ رضي الله عنه، أو عطف إن كانت عامة.