وفي عهد أبي بكر، بنو فزارة قومِ عُيينة بن حصن، وغطفان قوم قرة بن مسلمة، وبنو سليم، وبنو يربوع قوم مالك بن نَويرة، وبعض تميم، قوم سَجَاح المتنبئة زوجة مسيلمة، وكندة قوم الإشعث بن قيس، وبنو بكر بن وائل بالبحرين، فكفى الله أمرهم على يديه. وفي مدة عمر رضي الله عنه غسان، قوم جبلة بن الأيهم، الذي ارتد من اللطمة. فهؤلاء جملة مَن ارتد من العرب. فأتى الله بقوم أحبهم وأحبوه، فجاهدوهم حتى ردوهم إلى دينهم. ومحبة الله للعبد : توفيقه وعصمته وتقريبه من حضرته. ومحبة العبد لله : طاعته والتحرز من معصيته، وسيأتي في الإشارة الكلام عليها.
ثم وصفهم بقوله :﴿أذلة على المؤمنين﴾ أي : عاطفين عليهم خافضين جناحهم لهم، ﴿أعزة على الكافرين﴾ شداد متغالبين عليهم، وهذا كقوله فيهم :﴿أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفَتْح : ٢٩]، ﴿يجاهدون في سبيل الله﴾ من ارتد عن دين الله، ﴿ولا يخافون لومة لائم﴾ لصلابتهم في دين الله، وفيه إشارة إلى خطأ من لام الصِّدِّيق في قتال أهل الردة، وقالوا كيف تقاتل قومًا يقولون : لا إله إلا الله ؟ فقال :( والله لنقاتلن مَن فَّرق بين الصلاة والزكاة) ـ فلم يلتفت إلى لومهم. ﴿ذلك فضل الله يُؤتيه من يشاء﴾، الإشارة إلى ما خصهم الله به، من المحبة والأخلاق الكريمة، ﴿والله واسع﴾ الفضل والعطاء ﴿عليم﴾ بمن هو أهله.
ولمّا نهى عن موالاة الكفار ذكر من هو أهل للموالاة فقال :﴿إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ ؛ لم يقل : أولياؤكم بالجمع، تنبيهًا لى أن الولاية لله على الأصالة، ولرسوله وللمؤمنين على التبع، ثم وصفهم بقوله :﴿الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ أي : خاضعون لله، ولعباده متواضعون، منقادون لأحكامه،
١٨٩


الصفحة التالية
Icon