وقال شيخنا البوزيدي رضي الله عنه : المحبة لها ثلاث مراتب : بداية ووسط ونهاية ؛ فبدايتها لأهل الخدمة، كالعباد والزهاد والصالحين والعلماء المجتهدين. ووسطها لأهل الأحوال، الذين غلب عليهم الشوق حتى صدرت منهم شطحات ورقصات وأحوال غريبة ربما ينكرها أهل ظاهر الشريعة، فمنهم من يغلب عليه الجذب حتى يصطلم، ومنهم من يبقى معه شيء من الصحو، وهؤلاء تظهر عليهم كرامات وخوارق العادات، ونهايتها لأهل العرفان، أهل مقام الشهود والعيان، الذين شربوها من يد الوسائط وسكروا بها، وصحوا. هـ. بالمعنى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٨
وفي الورتجبي ما حاصله : أن محبتهم بعد المشاهدة، وإلا لم تكن محبة حقيقة ؛ لان محبة الآلاء والنعماء معلولة، ولا كذلك هذه، لأن من رآه عشقه، وكيف يرجع عنه من كان مسلوب القلب بعشقه لجماله ؟ ولذلك لم يرتدوا عن دينهم الذي هو المحبة. هـ.
وللمحبة علامات وثمرات، ذكر بعضَها الحق تعالى بقوله :﴿أذلة على المؤمنين﴾ أي : متواضعين عاطفين عليهم، ﴿أعزة على الكافرين﴾، أي : القواطع، غالبين عليهم، ﴿يجاهدون في سبيل الله﴾ أي : أنفسهم وأهواءهم، ﴿ولا يخافون لومة لائم﴾ ؛ إذ لا يراقبون سوى المحبوب، وليس للمحبة طريق إلا محض الفضل والكرم. ﴿ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم﴾ ؛ لكن صحبة المحبوبين عند الله من أسبابها العادية، وهم أولياء الله الذين هم حزب الله، فولايتهم والقرب منهم من أسباب القرب والمحبة، ومن موجبات النظر والغلبة ؛ ﴿ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٨
قلت :﴿والكفار﴾ : من نَصَبَ عطف على الموصول الأول، ومن جَرَّ فعلى الموصول الثاني.


الصفحة التالية
Icon