وهذا كله ﴿من بعد وصية يوصى بها أو دين﴾ حال كونه ﴿غير مُضارٍ﴾ في الوصية أو الدين، كالوصية بأكثر من الثلث، أو للوارث، أو فِرارًا منه، فإن عُلِم أنه قصد الإضرار، رد ما زاد على الثلث، واختلف في رد الثلث على قولين. قاله ابن جزي. ﴿وصيًة من الله﴾، أي : نوصيكم وصية، أو غير مضار وصية من الله. قال ابن عباس :(الإضرار في الوصية من الكبائر). ﴿والله عليم﴾ بمصالح عباده، يقسم المال على حسب المصلحة، ﴿حليم﴾ لا يعاجل بالعقوبة من خالف حدوده.
الإشارة : اعلم أن الأخوة في الشيخ كالأخوة في النسب، لأنهم يرضعون من ثدي واحدة ولبن واحد، فإن مات أحدهم، ورث أخوه المدد الذي كان يأخذه من شيخه، وكذا إذا رجع ـ فإنه موت ـ فينقلب المدد إلى أخيه، ومثاله كماء فُرِّقَ على قواديس، فإذا انسدت إحدى القواديس رجع الماء إلى الأخرى، فإن كانوا أكثر من واحد فهم شركاء في ذلك المدد، والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨
قلت : توحيد الضمير في ﴿نُدخله﴾ مراعاة للفظ ﴿من﴾. وجمع الحال في ﴿خالدين﴾ مراعاة للمعنى. و ﴿خالدين﴾ و ﴿خالدًا﴾ : حال مقدرة من ضمير ﴿نُدخله﴾، كقولك، كقولك : مررت برجل معه صقر صائدًا به غدًا، وليسا صفتين لجنات ونارًا، وإلا لوجب إبراز الضمير ؛ لأنهما جرتا على غير مَنْ هُمَا له.


الصفحة التالية
Icon