الإشارة : ينبغي للعبد، إذا طَغَتْ عليه نفسُه، وأرادت ارتكاب الفواحش، أن يستشهد عليها الحفظة، الذين يحفظون عليه تلك المعاصي، فإن لم تستحِ، فليعاقبها بالحبس في سجن الجوع والخلوة والصمت، حتى تموت عن تلك الشهوات، أو يجعل الله لها طريقًا بالوصول إلى شيخ يُغيِّبه عنها، أو بوارد قوي من خوف مزعج أو شوق مقلق، فإن تابت وأصلحت، أعرض عنها واشتغل بذكر الله، ثم يغيب عما سواه. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢١
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إنما التوبة﴾ التي يُستحق ﴿على الله﴾ قبولُها فضلاً وإحسانًا هي ﴿للذين يعملون السوء﴾ أي : المعاصي متلبسين ﴿بجهالة﴾ أي : سفاهة وجهل وسوء أدب، فكل من اشتغل بالمعصية فهو جاهل بالله، قد انتزع منه الإيمان حتى يفرغ، وإن كان عالمًا بكونها معصية، ﴿ثم يتوبون﴾ بعد تلك المعصية ﴿من قريب﴾ أي : من زمن قريب، وهو قبل حضور الموت ؛ لقوله بعدُ :﴿حتى إذا حضر أحدهم الموت﴾، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إن الله يقبلُ توبةَّ العبْدِ مَا لمْ يُغَرْغِرُ " وإنما جعله قريبًا لأن الدنيا سريعة الزوال، متاعها قليل وزمانها قريب، ﴿فأولئك يتوب الله عليهم﴾ تصديقاً لوعده المتقدم، ﴿وكان الله عليمًا﴾ بإخلاصهم التوبة، ﴿حكيمًا﴾ في ترك معاقبة التائب، إذ الحكمة هي وضع الشيء في محله.
٢٢