وعن الحسن : قال : قال النبي ﷺ " لما أُهبط إبليسُ قال : وعزتك وعظمتك لا أفارق ابنَ آدم حتى تفارقَ روحُه جسدَه، قال الله تعالى : وعزتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر بها " وعن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال :" إنّ الشيطانَ قال : وعزتِك لا أبرح أُغوى عبادكَ، ما دامتْ أرواحهم في أجسادهم. قال الله تعالى : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ". قال ابن جزي : وإذا تاب العبد توبة صحيحة بشروطها، فيُقطع بقبول توبت عند جمهور العلماء. وقال أبو المعالي : يَغُلِب ذلك على الظن ولا يقعطع. هـ.
﴿وليست التوبة﴾ مقبولة ﴿للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت﴾ أي : بلغت الحلقوم ﴿قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار﴾ فلا توبة لهم، ﴿أولئك أعتدنا﴾ أي : أعددنا وهيأنا ﴿لهم عذابًا أليما﴾، قال البيضاوي : سوَّى الحقُ تعالى بين من سوَّف التوبة إلى حضور الموت من الفسقة، وبين من مات على الكفر في نفي التوبة ؛ للمبالغة في عدم الاعتداد به في تلك الحالة، وكأنه يقول : توبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء. وقيل : المراد بالذين يعملون السوء : عصاة المؤمنين، وبالذين يعملون السيئات : المنافقون ؛ لتضاعف كفرهم، وبالذين يموتون : الكفار. هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢
الإشارة : توبة العوام ليست كتوبة الخواص، إنَّ الله يمهل العوام ترغيبًا لهم في الرجوع، ويُعاقب الخواص على التأخير على قدر مقامهم في القرب من الحضرة، فكلما عظُم القربُ عظمت المحاسبة على ترك المراقبة، منهم من يسامح له في لحظة، ومنهم في ساعة، ومنهم في ساعتين، على قدر المقام، ثم يُعاتبهم ويردهم إلى الحضرة.


الصفحة التالية
Icon