ثم تمّم جوابه فقال :﴿وله ما سكن﴾ أي : قل لهم : ما في السماوات والأرض لله، وله أيضًا ما سكن ﴿في الليل والنهار﴾ أي : ما استقر فيهما وما اشتملنا عليه، أو ما سكن فيهما وتحرك، ﴿وهو السميع﴾ لكل مسموع، ﴿العليم﴾ بكل معلوم ؛ فلا يخفى عليه شيء في الليل والنهار، في جميع الأقطار. الإشارة : إذا علم العبد أن الخلق كلهم في قبضة الله، وأمورهم كلها بيد الله، أحاط بهم علمًا وسمعًا وبصرًا، لم يبق له على أحد عتاب، ولا ترتيبُ خطأ ولا صواب، إلاَّ ما أمرت به الشريعةُ على ظاهر اللسان. بل شأنه أن ينظر إلى ما يفعل المالك في ملكه.
٢٤١
فيتلقاه بالقبول والرضى، وفي الحِكَم :" ما تَركَ من الجهل شيئًا مَن أراد أن يُظهر في الوقت غيرَ ما أظهره الله فيه ". هذا شأن أهل التوحيد ؛ يدوُرون مع رياح الأقدار حيثما دارت، غيرَ أنهم يتحنَّنون بقلوبهم إلى رحمة الكريم المنان، وينهضون بهمتهم إلى مَظانّ السعادة والغفران، ويرجون منه الجمع عليه في روح وريحان، وجنة ورضوان، بمحض فضل منه وإحسان. جعَلَنَا الله منهم بفضله وكرمه. آمين.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٠
قلت :﴿فاطر﴾ : نعت لله، ومعناه : خالق ومبدع. قال ابن عباس رضي الله عنه :( ما كُنت أعرف معنى فاطر، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما : أنا فطَرتها بيدي). وجملة :﴿وهو يطعم﴾ : حال، وقُرِىء بعكس الأول ؛ ببناء الأول للمفعول، والثاني للفاعل، على أن ضمير ﴿هو﴾ راجع لغير الله، وببنائهما للفاعل ؛ على معنى يُطعِم تارة، ويمنع أخرى، كقوله :﴿يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ﴾ [البَقَرَة : ٢٤٥]، وجملة ﴿إن عصيتُ﴾ : معترضة بين الفعل والمفعول، والجواب : محذوف دل عليه ما قبله، أي : إن عصيتُ فإني أخاف عذاب يوم عظيم.


الصفحة التالية
Icon