يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ لهم يا محمد :﴿أغير الله أتخذ وليًّا﴾ أي : معبودًا أُواليه بالعبادة والمحبة، وأُشركه مع الله الذي أبدع السماوات والإرض، ﴿وهو﴾ الغني عما سواه، الصَّمَداني، ﴿يُطعِمُ﴾ ولا يحتاج إلى من يُطعمه، فهو يَرزُق ولا يُرزق، وتخصيص الطعام ؛ لشدة الحاجة إليه ﴿قُل﴾ لهم :﴿إني أُمرتُ أن أكون أول من أسلم﴾، وأنقاد بكُلّيتي إلى هذا الإله الحقيقي، العني بالإنطلاق، وأرفضُ كل ما سواه، ممن عمّه الفقرُ ابتداءً ودوامًا. فكان عليه الصلاة والسلام هو أولَ سابق إلى الدين. ثم قيل له :﴿ولا تكونن من المشركين﴾ ؛ تنفيرًا لغيره من الشرك، وإلاّ فهو مبرَّأ منه ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
﴿قل إني أخاف إن عصيت ربي﴾ بالشرك وغيره ﴿عذاب يوم عظيم﴾، وهذه مبالغة أخرى في قطع أطماعهم، وتعريض لهم بأنهم عصاة، مستوجبون للعذاب، ﴿من يُصرف عنه﴾ ذلك العذاب، ﴿يومئدٍ﴾ أي : يوم القيامة، ﴿فقد رحمه﴾ أي : نجاه، وأنعم عليه، ﴿وذلك الفوز المبين﴾ أي : وذلك الصرف أو الرحمة هو الفلاح المبين.
٢٤٢
ثم ذكر حجة أخرى على استحقاقه للعبادة والولاية، فقال :﴿وإن يمسسك الله بضرّ﴾ كمرض أو فقر، ﴿فلا كاشف له إلا هو﴾ ؛ إذ لا يقدر على صرفه غيره، ﴿وإن يمسسك بخير﴾ ؛ بنعمة، كصحة وغنى ومعرفة وعلم، ﴿فهو على كل شيء قدير﴾، فهو قادر على حفظه وإدامته، ولا يقدر أحد على دفعه، كقوله تعالى :﴿فَلآ رَآدَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يُونس : ١٠٧]، ﴿وهو القاهر﴾ لجميع خلقه ؛ كلهم في قبضته، ﴿فوق عباده﴾ بهذه القهرية والغلبة والقدرة، ﴿وهو الحكيم﴾ في صنعه وتدبيره، ﴿الخبير﴾ بخفايا أمور عباده، لا يخفى عليه شيء من أحوالهم الباطنة والظاهرة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٢


الصفحة التالية
Icon