الإشارة : في الآية حَضٌّ على محبة الحق، وولايته على الدوام، ورفض كل ما سواه ممن عمَّه الفقر من الأنام، وفيها أيضًا : حثّ على المسابقة إلى الخيرات، والمبادرة إلى الطاعات، اقتداء بسيد أهل الأرض والسماوات، فكان ـ عليه الصلاة والسلام ـ أول من عبد الله، وأول من توجه إلى مولاه، قال تعالى :﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعابِِِدِينَ﴾ [الزّخرُف : ٨١]، فلو جاز أن يتخذ ولدًا، لكنت أنا أولى به، لأني أنا أول من عبده.
قال الورتجبي :﴿قل إني أُمرت أن أكون أول من أسلم﴾ أي : أمرني حين كنت جوهر فطرة الكون ـ حيث لم يكن غيري في الحضرة ـ أن أكول أول الخلق في المحبة والعشق والشوق، وأول الخلق له منقادًا بنعت محبتي له، راضيًا بربوبيته، غير منازع لأمر مشيئته. وقال بعضهم : أكون أول من انقاد للحق إذا ظهر. هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٢
﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـاذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ...﴾
قلت :﴿قل الله شهيد﴾ : يحتمل المبتدأ والخبر، أو يكون ﴿الله﴾ خبرًا عن مضمر، أو مبتدأ حُذف خبره، و ﴿شهيد﴾ : خبر عمن مضمر، أي : قل هو الله، أو الله أكبر شهادة، وهو شهيد بيني وبينكم، و ﴿من بلغ﴾ : عطف على مفعول، " أنذر "، أي : لأنذركم يا أهل مكة، وأنذر من بلغه القرآن، وحذف مفعول ﴿بلغ﴾.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد للذين سألوك مَن يشهد لك بالنبوة :﴿أيُّ شيء﴾ عندكم هو ﴿أكبر شهادة﴾ ؟ فإن لم يجيبوا فقل لهم : هو ﴿الله﴾ ؛ فإنه أكبر الشاهدين، وهو الذي يشهد لي بالنبوة والرسالة ؛ بإقامة البراهين وإظهار المعجزات، وهو ﴿شهيد بيني وبينكم﴾، وكفى به شهيدًا.
٢٤٣


الصفحة التالية
Icon