يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وقالوا﴾ أي : الكفار في إنكار البعث :﴿إن هي﴾ أي : الحياة ﴿إلا حياتنا الدنيا﴾ لا حياة بعدها، ﴿وما نحن بمبعوثين﴾، قال جل جلاله :﴿ولو ترى إذ وُفقوا على ربهم﴾، كناية عن حبسهم للسؤال والتوبيخ، أو : وقفوا على قضاء ربهم بين عباده، وعرفوه حق التعريف، قال لهم الحق جل جلاله :﴿أليس هذا﴾ الذي كنتم تُنكرونه، ﴿بالحق قالوا بلى وربنا﴾ إنه لحق، ولكنا كنا قومًا ضالين، وهو إقرار مؤكد باليمين، لانجلاء الأمر غاية الجلاء، قال تعالى لهم :﴿فذوقوا﴾ أي : باشروا ﴿العذاب بما كنتم تكفرون﴾ أي : بسبب كفركم.
﴿قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله﴾، حيث فاتهم النعيم، واستوجبوا العذاب المقيم، والمراد بلقاء الله : البعث وما يتبعه. فاستمروا على التكذيب ﴿حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة﴾ أي : فجأة ﴿قالوا يا حسرتنا﴾ أي : يا هلكتنا ﴿على ما فرطنا﴾ أي : قصَّرنا ﴿فيها﴾ أي : في الحياة الدنيا، أو في الساعة، أي : في شأنها والاستعداد لها، ﴿وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم﴾، كناية عن تحمل الذنوب، لأن العادة حمل الأثقال على الظهور، وقيل : أنهم يحملونها حقيقة، وقد رُوِي : أن الكافر يركبه عمله، بعد أن يتمثل له في أقبح صورة، وأن المؤمن يركب عمله، بعد أن يتصور له في أحسن صورة. قال تعالى في شأن الكفار :﴿ألا ساء ما يزرون﴾ أي : بئس شيئًا يَزِرُونَهُ ويرتكبونه في الدنيا وزرهم هذا، الذي يتحملونه على ظهورهم يوم القيامة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥٠


الصفحة التالية
Icon