قلوبهم وانطباع الأكوان في أسرارهم، فمن آمن بهم وصحبهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، بدليل قوله :﴿أَلآ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يُونس : ٦٢]، ومن كذب بهم وبما يظهر على أيديهم من أسرار المعارف يمسهم عذاب القطيعة، بما كانوا يفسقون، أي : بخروجهم على طاعتهم والإذعان إليهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥٨
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ لهم يا محمد : أنا ﴿لا أقول لكم عندي خزائن الله﴾ فآتيكم منها بكل ما تقترحون عليَّ من المعجزات، بل خزائن مقدوراته تعالى في علم غيبه، ليس لي منها إلا ما يُظهره منها بقدرته، ﴿ولا أعلم الغيب﴾ حتى أخبركم بالمغيبات، بل مفاتيح الغيب عنده، لا يعلمها إلا هو، إلا ما يُوحى إليّ منها، ﴿ولا أقول لكم إني ملك﴾ فأستغنى عن الطعام والشراب، أو أقدر على ما يقدر عليه الملك، إن أنا إلا بشر أوحى إليَّ أن أنذركم، فأتبع ما يوحى إليّ ؛ وأبترأ من دعوى الألوهية والملكية، وأدعي النبوة التي هي من كمالات البشر.
﴿قل﴾ لهم :﴿هل يستوى الأعمى﴾ الذي هو ضال جاهل، ﴿والبصير﴾ الذي هو مهتدٍ عالم، أو : هل يستوي مدعي المستحيل ؛ كالألوهية والمَلَكية ومُدَّعي الحق، كالنبوة والرسالة، ﴿أفلا تتفكرون﴾ فتميزوا بين أدعاء الحق والباطل، فتهتدوا إلى اتباع الحق وتجنب الباطل.
الإشارة : ما قالته الرسل للكفار حين اقترحوا عليهم المعجزات، تقوله الأولياء لأهل الإنكار، حيث يطلبون منهم الكرامات، وتقول لهم : إن نتبع إلا ما أمرنا به ربنا وسنّه لنا رسولُنا، فمن اهتدى وتبصر فلنفسه، ومن عمى فعليها.


الصفحة التالية
Icon