قلت :﴿فتطردهم﴾ : جواب النفي، و ﴿فتكون﴾ : جواب النهي، أي : ولا تطرد فتكون من الظالمين، فليس عليكم من حسابهم شيء فتطردهم.
يقول الحقّ جلّ جلاله : لنبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ، حين طلب منه صناديدُ قريش أن يطرد عنه ضعفاء المسلمين ليجالسوه، فَهَمَّ بذلك طمعًا في إسلامهم، فنزلت :﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم﴾ أي : يعبدونه بالذكر وغيره، أو يدعونه بالتضرع والابتهال، ﴿بالغداة والعشي﴾ أي : على الدوام. وخص الوقتين بالذكر ؛ لشرفهما. وفي
٢٦٠
الخبر :" يا ابنَ آدمَ، اذكُرني أول النهار وآخره، أكفِكَ ما بينهما " وقيل : صلاة الصبح والعصر، وقيل : الصلاة بمكة قبل فرض الخمس.
قال البيضاوي : بعد ما أمره بإنذار غير المتقين ليتقوا ـ أي : على التفسير الثاني في الآية المتقدمة ـ أمره بإكرام المتقين وتقريبهم، وألاَّ يطردَهم، ترضية لقريش، رُوِي أنهم قالوا : لو طَردتَ هؤلاء الأعبُدِ ـ يُعنُون فقراء المُسلِمِينَ، كعمَّار وصُهَيب وخبَّاب وبِلال وسَلمان ـ جلَسنا إليك، فقال :" ما أنا بطاردِ المؤمنين " قالوا : فأقمهُم عنا، قال :" نَعَم " [ رُوِي أن عمر قال له : لَو فَعَلتَ حتَّى تنظرَ إلى ما يَصِيرُونَ ؟ ] قالوا : فاكتُب بِذَلِكَ كِتَابًا، فدَعَا بالصَّحِيفَةِ وبَعَليٍّ ؛ ليَكتُبَ، فنزلت. هـ. وفي ذكر سلمان معهم نظر لتأخر إسلامه بالمدينة.


الصفحة التالية
Icon