كذلك ينبغي أن يُقَّرب ولا يُطرَد، ويُعز ولا يُذل، ويُبشِّر من الله بالسلامة في الدنيا وبالرحمة في الآخرة، وقيل : إن قومًا جاؤوا إلى النبي ﷺ فقالوا : إنا أصبَنا ذنوبًا عِظامًا، فلم يَرُدَّ عليهم، فانصرَفوا، فنزلت. هـ.
قال القُشَيري : أحلَّه محل الأكابر والسَّادات، فإنَّ السلام من شأن الجَائِي إلاَّ في صفة الأكابر، فإنَّ الجائي والآتي يسكت لهيبة المأتِي، حتى يبتدىء ذلك المقصودُ بالسؤال، فعند ذلك يجيب الآتي. هـ.
الإشارة : مِن شأن الأكابر من الأولياء، الداعين إلى الله، إكرامُ مَن أتى إليهم بحُسن اللقاء وإظهار المَسَّرة والبُرور، وخصوصًا أهل الانكسار فيُؤنسونهم، ويُوسعون رجاءهم، ويفرحونهم بما يسمعون منهم من سعة فضل الله وكرمه.
كان الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه إذا دخل عليه أحد من أهل العصيان ـ كأرباب الدولة والمخزن ـ، قال إليهم، وفرح بهم، وأقبل عليهم، وإذا أتى إليه أحد من العلماء أو الناسكين لم يَعتَنِ بشأنهم، فقيل له في ذلك، فقال : أهل العصيان يأتوننا فقراء منكسرين من أجل ذنوبهم، لا يرون لأنفسهم مرتبة، فأردت أن أجبر كسرهم، وهؤلاء أهل الطاعة يأتوننا أغنياء معتمدين على طاعتهم، فلا يحتاجون إلى ما عندنا، أو كلامًا هذا معناه، ذكره في لطائف المنن. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦٢
قلت : قرىء بتاء الخطاب، ونصب السبيل ؛ على أنه مفعول به، وقرىء بتاء التأنيث ورفع السبيل ؛ على أنه فاعل مؤنث، وبالياء والرفع ؛ على تذكير السبيل ؛ لأنه يجوز فيه التذكير والتأنيث.


الصفحة التالية
Icon