يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وكذلك نُفصل الآيات﴾ أي : ومثل ذلك التفصيل الواضح نفصل الآيات، أي : نشرح آيات القرآن ونوضحها في صفة المطيعين والمجرمين، والمصرين والأوابين، ليظهر الحق، ولتستوضح يا محمد ﴿سبيل المجرمين﴾ فتعاملهم بما يحق لهم من الإبعاد إن بَعُدوا، أو الإقبال إن أقبلوا. أو لتتبين طريقهم ويظهر فسادها ببيان طريق الحق.
الإشارة : سبيل المؤمنين من أهل اليمين، هو التمسك بظاهر الشريعة المحمدية ؛ بامتثال الأمر واجتناب النهي، والمبادرة إلى التوبة، إن أخل بأحد الأمرين من غير تحرِّ لما وراء ذلك، وسبيل المتوجهين من السائرين والواصلين : تصفية القلوب وتهيؤها لإشراق أسرار علم الغيوب ؛ بتخليتها من الرذائل وتحليتها بأنواع الفضائل ؛ لتتهيأ بذلك لطلوع شموس العرفان، والدخول في مقام الكشف والعيان، الذي هو مقام الإحسان،
٢٦٣
وما خرج عن هذين السبيلين فهو سبيل المجرمين : إما بالكفر، وإما بالإصرار على العصيان، والعياذ بالله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦٣
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد :﴿إني نُهيتُ﴾ أي : نهاني ربي ﴿أن أعبدَ الذين تدعُون﴾ أي : تعبدون ﴿من دون الله﴾، أو ما تدعونها آلهة ؛ أي : تسمونها بذلك، وتخضعون لها من دون الله، ﴿قل﴾ لهم :﴿لا أتبع أهواءكم﴾ الفاسدة وعقائدكم الزائغة، ﴿قد ضللتُ﴾ عن الحق ﴿إذًا﴾ أي : إذا اتبعت أهواءكم، ﴿وما أنا من المهتدين﴾ أي : ما أنا في شيء من الهدى حتى أكون من عدادهم إن اتبعت أهواءكم، وفيه تعريض بهم، وأنهم ضالون حائدون عن طريق الهدى، ليسوا على شيء منها.


الصفحة التالية
Icon