الإشارة : ظلمات البر هو ما يخوض القلب ويظلمه ؛ من أجل ما يدخل عليه من حس الظاهر، الذي هو بر الشريعة، وظلمات البحر هو ما يدهش الروح ويحيرها من أجل ما يدهمها من علم الحقائق، عند الاستشراف عليها، أو ما يشكل عليها في علم التوحيد، فإذا رجع إلى الله فيهما، وتمسك بشيخ كامل في علم الحقائق ـ أنجاه الله منهما، فإذا شكر الله وأفرد النعمة إليه دامت نجاته، وإن التفت إلى غيره خيف عليه العوُد إلى ما كان عليه. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦٧
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد :﴿هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم﴾، كما فعل بقوم نوح ولوط وأصحاب الفيل، ﴿أو من تحت أرجُلِكُم﴾، كما أغرق فرعون وخسف بقارون، وقيل : من فوقكم : بتسليط أكابركم وحكامكم عليكم، ومن تحت أرجلكم : سفلتكم وعبيدكم، ﴿أو يَلبسكم﴾ أي : يَخلطكم ﴿شيعًا﴾ أي : فِرَقًا متحزبين على أهواء شتى، فينشب القتال بينكم، ﴿ويُذيق بعضكم بأس بعض﴾، بقتال بعضكم بعضًا.
وفي الحديث عنه ﷺ : أنه لما نزلت :﴿أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم﴾ قال :" أعُوذُ بِوَجهِكَ "، ولما نزلت :﴿أو من تحت أرجلكم﴾ قال أيضًا :" أعُوذُ بِوَجهِكَ " ولما نزلت :﴿أو يلبسكم شيعًا﴾ قال :" هذَا أهوَنُ "، فقضى الله على هذه الأمة بالقتل والقتال إلى يوم القيامة، نعوذ بالله من الفتن.
٢٦٨
قال تعالى :﴿انظر كيف نُصرف الآيات﴾ أي : نُقبلها بورود الوعد والوعيد ﴿لعلهم يفقهون﴾ ما نزل إليهم.


الصفحة التالية
Icon