قال أبو حفص النيسابوري رضي الله عنه : من لم يتَّهم نفسه على دوام الأوقات، ولم يخالفها في جميع الأحوال، ولم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه، كان مغرورًا، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها، وكيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه ؛ والكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم، يقول :﴿وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف : ٥٣]. وقال أيضًا : منذ أربعين سنة اعتقادي في نفسي ـ أن الله ينظر إليَّ نظر السخط، وأعمالي تدل على ذلك. وقال الجنيد رضي الله عنه : لا تسكن إلى نفسك، وإن دامت طاعتها لك في طاعة ربك. وقال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه :( ما رضيت عن نفسي طرفة عين ). إلى غير ذلك من مقالاتهم التي تدل على عدم الرضى عن النفس وعدم القناعة منها بالتصفية التي آظهرت.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦٩
قلت :﴿ونُردُّ﴾ : عطف على ﴿ندعو﴾ والهمزة للإنكار، والرد على العقب : الرجوع إلى وراء، لعلَّةٍ في المشي، واستعير للمعاني، و ﴿كالذي استهوته﴾ : الكاف في موضع نصب على الحال من الضمير في ﴿نُردّ﴾ أي : كيف نرجع مشبهين بمن استهوته الشياطين، أو نعت لمصدر محذوف، أي : ردًا كرد الذي... الخ. واستهوى : استفعل، من هَوَى في الأرض إذا ذهب، وقال الفارسي : استهوى بمعنى أهوى، مثل استزل بمعنى أزل، و ﴿حيران﴾ : حال من مفعول استهوى.
و ﴿أن أقيموا﴾ : عطف على ﴿لنُسلم﴾، أو ﴿أمرنا﴾. ﴿قوله الحق﴾ : مبتدأ، و ﴿يوم يقول﴾ : خبر مقدم، أي : قوله الحق حاصل يوم يقول :﴿كن فيكون﴾، وفاعل ﴿يكون﴾ : ضمير فاعل كن، أي : حين يقول للشيء : كن فيكون ذلك الشيء، و ﴿يوم ينفخ﴾ : ظرف لقوله :﴿الملك﴾، كقوله :﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غَافر : ١٦].


الصفحة التالية
Icon