يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿أندعو من دون الله﴾ أي : نعبد ﴿ما لا ينفعنا ولا يضرنا﴾ من الأصنام الجامدة، ﴿ونُرد على أعقابنا﴾ أي : نرجع إلى الشرك ﴿بعد إذ هدانا الله﴾ وأنقذنا، ورزقنا الإسلام، وهذا على الصحابة. وأما النبي ﷺ فلم يتقدم له شرك ؛ لعصمته، أي : كيف نرد على أعقابنا ردًا ﴿كالذي استهوته الشياطين﴾، أي : أضلته مَرَدَةُ الجن عن الطريق المستقيم، فذهب ﴿في الأرض حيران﴾ ؛ متحيرًا ضالاً عن الطريق، ﴿له أصحاب﴾ أي : رفقة ﴿يدعونه إلى الهدى﴾ أي : إلى الطريق المستقيم، يقولون له :﴿ائتنا﴾ وكن معنا لئلا تتلف. وهو مثال لمن ترك الإسلام وضل عنه.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧١
قل﴾ لهم :﴿إن هدى الله﴾، وهو الإسلام، ﴿هو الهدى﴾ وحده، وما عداه ضلال. ﴿و﴾ قد ﴿أمرنا لنسلم لرب العالمين﴾ نكون على الجادة من الهدى، ﴿و﴾ أُمرنا ﴿أن أقيموا الصلاة واتقوه﴾ : أي : أُمرنا بإقامة الصلاة والتقوى، رُوِي أن عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان، فنزلت، وعلى هذا أُمِر الرسول بهذا القول ؛ إجابة عن الصديق تعظيمًا لشأنه، وإظهارًا للاتحاد الذي كان بينهما. قاله البيضاوي. وقال ابن جزي : ويبُطل هذا قول عائشة : ما نزل في آل أبي بكر شيء من القرآن إلا برائتي. هـ. قلت : ليس بحجة ؛ لصغر سنِّها وقت نزول الآية بمكة، والإسلام يمحو ما قبله. ثم قال جل جلاله :﴿وهو الذي إليه تحشرون﴾ يوم القيامة ؛ فيظهر من تبع الحق من الباطل.
٢٧٢