أي : طلعت شمس نهارعرفانهم على ليل وجودهم، فامتحت ظلمة وجودهم في شهود محبوبهم، وفي الحِكَم :" أنا الظواهر بأنوار آثاره، وأنار السرائر بأنوار أوصافه، لأجل ذلك أفَلَت أنوار الظواهر، ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر ".
قال الجَوزِي : لما بدا لإبراهيم نجم العلم، وطلع قمر التوحيد، وأشرقت شمس المعرفة ـ قال :﴿إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي...﴾ الآية. هـ. قيل : لما
٢٧٥
نظر إبراهيم عليه السلام بعيون رأسه إلى نور النجم والشمس والقمر الحسي، نودي في سره : يا إبراهيم، لا تنظر ببصرك إلى الجهة الحسية، وانظر ببصيرتك إلى الحقيقة المعنوية ؛ لأن الوجود كله عين الأحدية، فافهم معاني الأسماء، ولا تقف مع جرم الأرض والسماء، فإن الوقوف مع الحس حجاب عن المعنى. فقال إبراهيم :﴿إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين﴾. هـ. وفي ذلك يقول الششتري أيضًا :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧٤
لا تنظُر إلَى الأوَاني
وَخُض بَحرَ المعَانِي
لَعَّلَكَ تَرَانِي
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧٤
﴿وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَآجُّونّيِ فيِ اللهِ وقد هَدَآنِ...﴾
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وحاجه قومه﴾ أي : خاصموه في التوحيد، فقال لهم :﴿أتحاجُّوني في الله﴾ أي : في وحدانيته، أو في الإيمان به، وقد هداني إلى توحيده وأرشدني إلى معرفته، فلا ألتفت إلى غيره، ولا أعبأ بمن خاصمني فيه، والأصل : تحاجونني، فحذف نافع وابن عامر نون الرفع، وأبقى نون الوقاية، وقيل : العكس، وأدغم الباقون أحدى النونين في الأخرى.