يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه﴾، إشارة إلى ما تقدم من استدلاله على وحدانيته تعالى بأُفول الكوكب والقمر والشمس، واحتجاجه بذلك على قومه، وإتيانه إياها : وإرشاده لها وتعليمه إياها، قال تعالى :﴿نرفع درجات من نشاء﴾ في العلم والحكمة، أو في اليقين والمعرفة، ﴿إن ربك حكيم﴾ في رفعه وخفضه، ﴿عليم﴾ بحال من يرفعه ويخفضه، وبحال الاستعداد لذلك.
الإشارة : رفعُ الدرجات في جنات الزخارف يكون بالعلم والعمل وزيادة الطاعات، ورفع الدرجات في جنة المعارف يكون بكبر اليقين. والترقي في شهود رب العالمين. وذلك بحسب التبتل والانقطاع، والتفرغ من شواغل الحس ودوام الأُنس. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧٨
قلت : الضمير في ﴿ذريته﴾ لإبراهيم عليه السلام ؛ لأن الحديث عليه، أو لنوح عليه السلام ؛ لذكر لوط، وليس من ذرية إبراهيم، لكنه ابن أخيه فكأنه ابنه، و ﴿داود﴾ : عطف على ﴿نوح﴾ ؛ أي : وهدينا من ذريته داود، و ﴿من آبائهم﴾ : في موضع نصب، عطف على ﴿نوح﴾ ؛ أي وهدينا بعض آبائهم، والهاء في ﴿اقتده﴾ : للسكت، فتحذف في الوصل، ومن أثَبتها راعَى فيها خط المصحف، وكأنه وصلَ بنية الوقف.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ووهبنا﴾ لإبراهيم ﴿إسحاق﴾ ابنه، ﴿ويعقوب﴾ حفيده، ﴿كُلاًّ﴾ منهما ﴿هدينا﴾ ﴿ونوحًا﴾ قد هديناه ﴿من قبل﴾ إبراهيم، وعدَّه نعمة على
٢٧٩
إبراهيم ؛ من حيث إنه أبوه، وشَرفُ الوالد يتعدَّى إلى الولَد، ﴿ومن ذريته﴾ أي : إبراهيم، ﴿داود﴾ بن أيشا، ﴿وسليمان وأيوب﴾ بن قوص بن رَازَح بن عيصُو بن إسحاق ﴿ويوسف﴾ بن يعقوب بن إسحاق، ﴿وموسى وهارون﴾ ابنا عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب. ﴿وكذلك نجزي المحسنين﴾ أي : نجزي المحسنين جزاء مثل ما جازينا إبراهيم ؛ برفع درجاته وكثرة أولاده، وجعل النبوة فيهم.