﴿والذين يؤمنون بالآخرة﴾ هم الذين ﴿يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون﴾ ؛ لأنَّ من مصدق بالآخرة، وخاف عاقبتها، تحرى لنفسه الصواب، وتفكر في صدق النجاة، فآمن بالنبي ﷺ وصدّق بما جاء به، وحافظ على مراسم الشريعة، وأهمها : الصلاة ؛ لأنها عماد الدين وعلم الإيمان، من حافظ عليها حفظ ما سواها، ومن ضيَّعها ما سواها.
الإشارة : مفتاح القلوب هو كتاب الله، وهو عُنوان السير، فمن فُتح له في فهم كتاب الله، عند سماعه والتدبر في معانيه، فهو علامة فتح قلبه، فلا يزال يزداد في حلاوة الكلام، حتى يُشرف على حلاوة شهود المتكلم من غير واسطة ؛ وذلك غاية السير، وابتداء الترقي في أنوار التوحيد وأسرار التفريد، التي لا نهاية لها. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨٢
قلت :﴿كما خلقناكم﴾ : بدل من ﴿فُرَادى﴾، أو حال ثانية، و ﴿لقد تقطع بينكم﴾ ؛ من قرأ بالرفع، فهو فاعل، أي : تقطع وصلُكم، ومن قرأ بالنصب، فظرف، على إضمار الفاعل، أي : تقطع الاتصال بينكم، أو على حذف الموصول ؛ لقد تقطع ما بينكم.
يقول الحقّ جلَ جلاله :﴿ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا﴾ فزعم أنه يوحى إليه، كمسيلمة الكذاب والأسود العَنسي، أو : غيَّر الدين، كعَمرو بن لحي وأمثاله ﴿أو قال أُوحي إليَّ ولم يُوحَ إليه شيء﴾ كابن أبي سَرح ومن تقدم، إلا من تاب، كابن أبي سرح. ﴿ومَن قال سأنزل مثل ما أنزل الله﴾ الذين قالوا :﴿لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلِ هَذَا﴾ [الأنفَال : ٣١] كالنضر بن الحارث وأشباهه.