ثم ذكر ما يحرم بالرضاع، فقال :﴿وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة﴾ ذلك تعالى صنفين، وحرمت السُّنَّةُ كل ما يحرم من النسب. قال ﷺ " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ " فيدخل الأصناف السبعة، وهي الأم من الرضاع والبنت والأخت والعمة والخالة وبن الأخ وبنت الأخت.
ثم ذكر ما يحرم بالمصاهرة، فقال :﴿وأمهات نسائكم﴾، وتقدمت زوجة الأب، وسيأتي حليلة الابن، ﴿وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم﴾ لا مفهوم لهذا القيد، لكنه جرى مجرى الغالب، فهي محرمة، كانت في حجره أم لا، على قول الجمهور، ورُوي عن علي رضي الله عنه أنه أجاز نكاحها إن لم تكن في حجره. وأما قوله :﴿اللاتي دخلتم بهن﴾ فهو معتبر إجماعًا، فلو عقد على المرأة ولم يدخل بها، فله طلاقها ويأخذ ابنتها، ولذلك قال :﴿فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم﴾ أن تنكحوهن.
٢٨
﴿وحلائل أبنائكم﴾ وهي التي عقد عليها الابن فحلت له، فتحرم على الأب بمجرد العقد. والحاصل : أن زوجة الأب وزوجة الابن وأم الزوجة يحرمن بالعقد، وأما بنت المرأة فلا تحرم إلا بالدخول بأمها، فالعقد على البنات يُحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يُحرم البنات. وقوله تعالى :﴿الذين من أصلابكم﴾ احترز به من زوجة المتبنِّي فلا تحرم حليلته، كقضية زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ﴿وأن تجمعوا بين الأختين﴾، شقيقتين أو للأب أو للأم، وهذا في النكاح، وأما في الملك دون الوطء فلا بأس، أما في الوطء فمنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة، وأجازه الظاهرية، ﴿إلا ما قد سلف﴾ أي : في الجاهلية، فقد عفا عنكم، ﴿إن الله كان غفورًا رحيمًا﴾، قال ابن عباس :( كانت العرب تُحرم كل ما حرمت الشريعة إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، فلذلك ذكر الحق تعالى :﴿إلا ما قد سلف﴾ فيهما.


الصفحة التالية
Icon