وكيف يكون له الولد أو الشريك، وهو ﴿بديعُ السماوات والأرض﴾ ؟. أي : مبدعهما ومخترعهما بلا مثال يحتذيه، ولا قانون ينتحيه، والمعنى : أنه تعالى مُبدع لقطري العالم العلوي والسفلي بلا مادة : لأنه تعالى مُنزه عن الأفعال بالمادة. والوالد عنصر الولد، ومُنفصل بانتقال مادته عنه، فكيف يمكن أن يكون له ولد ؟. ولذلك قال :﴿أَنى يكونُ له ولدٌ﴾ أي : من أين، أو كيف يكون له ولد، ﴿ولم تكن له صاحبة﴾ يكون منها الولد، فإن انتفاء الصاحبة مستلزم لانتفاء الولد، ضرورة استحالة وجود الولد بلا والدة في العادة، وانتفاء الصاحبة مما لا ريب فيه، وكيف أيضًا يكون له ولد ﴿و﴾ قد ﴿خلقَ كلَّ شيء﴾، فيكف يتصور أن يكون المخلوق ولدًا لخالقه ؟ ﴿وهو بكل شيء عليم﴾ أي : أحاط بما من شأنه أن يعلُم كائنًا ما كان، فلا تخفى عليه خافية مما كان، ومما سيكون من الذوات والصفات، ومن جملتها : ما يجو عليه تعالى وما يستحيل كالولد والشريك.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨٩