يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وأقسموا﴾ أي : المشركون، ﴿بالله﴾ واجتهدوا في أيمانهم، ﴿لئن جاءتهم آية﴾ ظاهرة يشهدونها، ﴿ليُؤمنن بها﴾ وبمن جاء بها، ﴿قل﴾ لهم :﴿إنما الآيات عند الله﴾ وفي قدرته وإرادته، يُظهرها حيث شاء، وليس في قدرتي منها شيء، ﴿وما يُشعركم﴾ أي : وما يُدريكم أيها المؤمنون، ﴿أنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾ بها، لما سبق لهم من الشقاء، وقد كان المؤمنون يتمنَّون إنزالها طمعًا في إيمانهم، وفي تنبيه على أنه تعالى إنما لم ينزلها ؛ لعلمه بأنها ﴿إذا جاءت لا يؤمنون﴾ بها. وقيل : الخطاب للمشركين، ويتأتى هذا على كسر " إن "، أو على قراءة ابن عامر وحمزة :﴿لا تؤمنون﴾ ؛ بتاء الخطاب، وقرىء :﴿وما يُشعركم﴾ بالغيبة، فيكون إنكارًا لهم على حلفهم.
ثم ذكر سبب عدم إيمانهم فقال :﴿ونُقلب أفئدتهم وأبصارهم﴾ عند نزول الآية، أي : نصرف قلوبهم ونحولها عن الحق، فلا يفقهون بها، ونقلب أبصارهم عن النظر والتفكر، فلا يُبصرون بها الحق، فيصرون عن الإيمان بما أنزل إليك ﴿كما لم يؤمنوا به﴾ أي : بما أنزل من الآيات، ﴿أول مرة ونذرهم في طغيانهم﴾ أي : في كفرهم وجحدهم ﴿يعمهون﴾ أي : يتحيرون، فلا نهديهم هداية المؤمنين.
الإشارة : سألني بعض العوام، فقال لي : ليس لكم ولا لأصحابكم كرامات تظهر فيمن آذاكم، فقد كان أصحاب سيدي فلان وفلان يُظهرون الكرامات، وينفذون في من آذاهم ؟ فقلت له : نحن على دم نبينا ﷺ، أرسله الله رحمة للعالمين، فقد أُوذي وضُرِب، فلما خيَّره ملكُ الجبال في أن يُطبق عليهم الأخشَبين ـ أي الجَبلَين ـ قال :" لا،
٢٩٦