لعل الله تعالى يُخرج منهم مَن يعبُد الله " وقال حين أكثروا إيذاءه :" اللهُمَّ اغفِر لِقَومي فإنَّهُم لا يَعلَمُون " فالأولياء المحققون : رحمة للعباد، يتحملون أذاهم، ويتوجهون لمن آذاهم في الدعاء له بالهداية والتوفيق، فهم قوم لا يشقَى جليسهم، جالَسَهم بالإنكار أو بالإقرار، وقد ظهرت الكرامات على بعض الأولياء ولم ينقطع عنهم الإنكار، فإنَّ الإيمان أو التصديق بالنبي أو الولي إنما هو محض هداية من الكبير العلي.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٦
قلت :﴿قبلاً﴾ : بكسر القاف ؛ معاينة، وبضمتين : جمع قبيل، أي : ضمناء، وهو حال.
يقول الحقّ جلّ جلاله : في الرد على المشركين، حين أقسموا : لئن رأوا آية ليؤمنن بها، فقال تعالى :﴿ولو أننا نزّلنا إليهم الملائكة﴾ تشهد لك بالنبوة كما اقترحوا، ﴿وكلمهم الموتى﴾ كما طلبوا بقولهم :﴿فَأتُواْ بِأَبَآئِنَآ﴾ [الدخان : ٣٦]، وقالوا : إنَّ قُّصيًّا كان شيخ صِدق، فابعثه لنا يكلمنا ويشهد لك بما تدعي.
﴿و﴾ لو ﴿حشرنا عليهم﴾ أي : جمعنا عليهم، ﴿كل شيء﴾ من الحيوانات والجمادات، معاينة، أو ضمناء، تشهد لك بالرسالة والنبوة، ﴿ما كانوا ليؤمنوا﴾ بك في حال من الأحوال، ﴿إلا أن يشاء الله﴾ إيمانهم فيمن لم يسبق له الشقاء، ﴿ولكن أكثرهم يجهلون﴾ أنهم لو أُوتوا بكل آية لم يؤمنوا، فكيف يقسمون بالله جَهدَ أيمانهم على ما لا يعلمون ؟ ‍، فالجهل بهذا المعنى حاصل لأكثرهم، ومطلق الجهل حاصل لجميعهم، أو : ولكن أكثر المسلمين يجهلون أنهم لا يؤمنون، فيتمنون نزول الآية طمعًا في إيمانهم. قاله البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon