وقال شيخ شيوخنا سيدي على الجمل رضي الله عنه :( عداوة العدو حقًا : اشتغالك بمحبة الحبيب حقًا، وأما إذا اشتغلت بعداوة العدو نال مراده منك، وفاتتك محبة الحبيب). وقال بعض أشياخ الشعراني في بعض وصاياه له : لا تشتغل قط بمن يؤذيك، واشتغل بالله يرده عنك ؛ فإنه هو الذي حركه عليك ؛ ليختبر دعواك في الصدق، وقد غلط في هذا الأمر خلق كثير، فاشتغلوا بأذى من آذاهم، فدام الآذى مع الإثم، ولو أنهم رجعوا إلى الله لردهم عنهم وكفاهم أمرهم. هـ.
وهذا كله إنما يكون في البدايات، كما قال الشاذلي رضي الله عنه :( اللهم إن القوم قد حكمت عليهم بالذل حتى عزوا).. فإذا تمت أنوارهم وتطهرت من البقايا أسرارهم، حكَّمهم في العباد، وأذلهم لهم، فيكون العبد المجتبى سيفًا من سيوف الله، ينتصر الله به لنفسه ؛ كما نبه على ذلك في لطائف المنن. وذلك من أسرار عدم مشروعية الجهاد من أول الإسلام ؛ تشريعًا لما ذكرنا، وتحذيرًا من الانتصار للنفس، وعدم تمحض النصرة للحق. وعند الرسوخ في اليقين، والأمن من مزاحمة الصدق غيره، وقع الإذن في الجهاد، هذا بالنسبة إلى الصحابة الكرام، وأما النبي ﷺ فكامل من أول نشأته، وإنما ذلك تشريع لغيره، وترفيع لرتبته. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٧
قلت :﴿غير﴾ : مفعول، و ﴿حَكَمًا﴾ : حال، وهو أبلغ من حاكم، ولذلك لا يوصف به غير العادل، و ﴿صدقًا وعدلاً﴾ : تمييز، أو حال، أو مفعول به.


الصفحة التالية
Icon