مقالاً أو حالاً. والمراد بهم : من لا يقين عندهم، بل ﴿إن يتبعون إلاَّ الظن﴾، وهو ما استحسنته عقولهم، إما تقليدًا، كظنهم أن آباءهم كانوا على الحق، أو ما ابتدعوه برأيهم الفاسد من العقائد الزائفة والآراء الفاسدة، ﴿وإن هم إلا يخرصون﴾ أي : يكذبون على الله فيما ينسبون إليه ؛ كاتخاذ الولد، وجعل عبادة الأوثان وصُلة إلى الله، وتحليل الميتة وتحريم البحائر، أو يقدّرون في عقولهم أنهم على شيء، وكل ذلك عن تخمين وظن لا يقين فيه، ثم قال لنبيه :﴿إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين﴾ أي : هو عالم بالفريقين، لا يخفى عليه أهل الحق من أهل الباطل.
الإشارة : مخالطة العموم والركون إليهم والمعاملة معهم سموم قاتلة، قال بعض الصوفية : قلت لبعض الأبدال : كيف الطريق إلى التحقيق والوصول إلى الحق ؟ قال : لا تنظر إلى الخلق، فإن النظر إليهم ظلمة، قلت : لا بد لي، قال : لا تسمع كلامهم ؛ فإن كلامهم قسوة، قلت : لا بُد لي، قال : فلا تعاملهم، فإن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة، قلت : أنا بين آظهرهم، لا بد لي من معاملتهم، قال : لا تسكن إليهم ؛ فإن السكون إليهم هلكة، قلت : هذا لعله يكون، قال : يا هذا، تنظر إلى اللاعبين، وتسمع إلى كلام الجاهلين، وتعامل البطَّالين، وتسكن إلى الهلكى، وتريد أن تجد حلاوة المعاملة في قلبك مع الله عز وجل!! هيهات، هذا لا يكون أبدًا. هـ.


الصفحة التالية
Icon