ولما أمرهم بأكل الحلال نهاهم عن الحرام، فقال :﴿ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه﴾، بأن ترك التسمية عليه عمدًا لا سهوًا ؛ كما هو مذهب مالك وأبي حنيفة. وقال الشافعي : تؤكل مطلقًا، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" ذَبِيحَةُ المُسلِم حَلالٌّ وإن لَم يُذكَر اسمُ اللهِ عَلَيهِ "، وقال أحمد وداود : لا تؤكل إن تركت مطلقًا، عمدًا أو سهوًا.
وقال ابن جزي : إنما جاء الكلام في سياق تحريم الميتة وغيرها مما ذُبح للنُصب، فإن حملناه على ذلك لم يكن فيه دليل على وجوب التسمية في ذبائح المسلمين، وإن حملناه على عمومه كان فيه دليل على ذلك. وقال عطاء : هذه الآية أمر بذكر الله على الذبح والأكل والشرب. هـ.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠١
وإنه﴾ أي : الأكل مما لم يُذكر اسم الله عليه ﴿لفسق﴾ أو : وإنه ـ أي : عدم ذكر اسم الله على الذبيحة، لفسق ومن تزيين الشياطين، ﴿إن الشياطين ليُوحون﴾ ؛ ليوسوسون ﴿إلى أوليائهم﴾ من الكفار ﴿ليُجادلوكم﴾ بقولهم : إنكم تأكلون ما قتلتم أنتم وجوارحكم
٣٠٢
وتدعون ما قتله الله. وهذا يؤيد أن المراد بما لم يذكر اسم الله عليه هو الميتة، ﴿وإنْ أطعتموهم﴾ في استحلال ما حرمتُ عليكم، ﴿إنكم لمشركون﴾ مثلهم، لأن مَن أحلّ ما حرّم الله فقد كفر، والجواب عن شبهتهم : أن الذكاة تطهير لخبث الميتة، مع ضرب من التعبّد.