الإشارة : ليس المراد من التسمية على الطعام أو غيره مجرد اللفظ، وإنما المراد حضور المسمى، وهو شهود المنعم في تلك النعمة ؛ لأن الوقت الذي يغلب فيه حظ النفس، ينبغي للذاكر المتيقظ أن يغلب فيه جانب الحق، فيكون تناوله لتلك النعمة بالله من الله إلى الله، وهذا هو المقصود من الأمر بذكر اسم الله، لأن الاسم عين المسمى في التحقيق، فإن كان الأكل أو غيره مما شرعت التسمية في أوله، على هذا التيقظ، فهو طائع لله وعابد له في أكله وشربه، وسائر أحواله، وإن كان غافلاً عن هذا، فأكله فسق، قال تعالى :﴿وَلا تَأكُلُوا مِمَّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللهِ عَلَيهِ وَإنَّهُ لَفسقٌ﴾، سبب ذلك : غلبة الغفلة. والغفلة من وحي الشيطان، ﴿وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم﴾. أو : ولا تنظروا إلى الأشياء بعين الفرق والغفلة، بل اذكروا اسم الله عليها وكلوها بفكرتكم ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله﴾ عليه من الأشياء ؛ فإنه غفلة وفسق في الشهود، وقوله تعالى :﴿وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ﴾ ؛ هو ما ظهر على الجوارح من الذنوب، وقوله :﴿وباطنه﴾ ؛ هو ما كمن في السرائر من العيوب. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠١
قلت :﴿كَمَنَ﴾ : موصولة، و ﴿مَّثَلُه﴾ : مبتدأ، و ﴿في الظلمات﴾ : خبره، وقيل : مثل ـ هنا ـ زائدة، أي : كمن هو في الظلمات، و ﴿ليس بخارج﴾ : حال من الضمير في الخبر.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿أو من كان ميتًا﴾ بالكفر والجهل ﴿فأحييناه﴾ بالإيمان والعلم، ﴿وجعلنا له نورًا﴾ في قلبه أي : نور الإيمان والعلم، ﴿يمشي به في الناس﴾، فيذكرهم بالله، ويدلهم على الله، ﴿كمن مثله﴾ غريق ﴿في الظلمات﴾ في ظلمة الكفر والجهل والتقليد والذنوب، ﴿ليس بخارج منها﴾ أي : لا يفارق ضلالته بحال. ﴿كذلك﴾ أي : كما زُين الإيمان لهؤلاء ﴿زُين للكافرين ما كانوا يعملون﴾.