ومنه : خوف الأكابر بعد تأمينهم ؛ لأن ظاهر الوعد والوعيد لا يقضي على باطن المشيئة والعلم، ومثله يجري في سورة هود في قوله :﴿إَلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ﴾ [هُود : ١٠٧]، وفي سورة يوسف :﴿وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ [يُوسُف : ١١٠] بالتخفيف، وغير ذلك مما ورد في الكتاب والسنة، وانظر الورتجبي. فقد انفرد بمقالة، بعد حكاية اتفاق مذاهب المسلمين جميعًا على عدم غفران الشرك، ولكن قول عيسى عليه السلام :﴿وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ...﴾ الآية، يشير إلى ما أشار إليه ابن عباس وابن مسعود في قوله تعالى :﴿خَالِدينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ﴾ [هود : ١٠٧] قال : تؤمر النار أن تأكلهم وتفنيهم، ثم يجدد خلقهم، ويرجى من كرم الله ولطفه إدخالهم بعد ذلك الجنة، قال : وهذا مرجو، ليس بمعتقد أهل السنة. هـ.
قال في الحاشية : وهو يرجع عند التحقيق إلى طرح الأسباب وعدم الوقوف معها، نظرًا إلى أن الحق تعالى لا يتقيد في وعيد ولا وعد، فمن غلبه النظر إليه، سرى إليه الرجاء في عين التخويف، كما أنه يسري الخوف في عين الرجاء، لكونه اقتطع من الوقوف مع خصوص وصف، ولما كانت تلك الحالة هي عين الأدب اللائق بالعبودية مع الله تعالى أرشد تعالى إليها بقوله :﴿إلا ما شاء الله﴾، ﴿إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ﴾ [هُود : ١٠٧]، وهو حال أهل الحقيقة، والوقوف مع خصوص الوعد أو الوعيد حال أهل الشريعة. انتهى ببعض اختصار. وقد رد الثعالبي هذه المقالة التي حكاها الورتجبي.
٣٠٩
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٨
قلت :﴿ذلك أن لم يكن ربك﴾ : خبر عن مضمر، وأن على حذف لام العلة، أي : الأمر ذلك ؛ لأجل أن لم يكن ربك متصفًا بالظلم.


الصفحة التالية
Icon