قلت : قرأ الجمهور :﴿زَيَّن﴾ ؛ بالبناء للفاعل ونصب قتل، على أنه مفعول به، وخفض ﴿أولادهم﴾ بالإضافة ورفع ﴿شركاؤهم﴾ ؛ فاعل ﴿زين﴾، فالشركاء على هذه القراءة هم الذين زينوا القتل، وقرأ ابن عامر : بضم الزاي ؛ على البناء للمفعول، ورفع ﴿قتل﴾ ؛ على النيابة عن الفاعل، ونصب ﴿أولادهم﴾ على أنه مفعول بقتل، وخفض " شركائهم " بالإضافة إلى قتل، إضافة المصدر إلى فاعله، أي : زُين لهم أن يقتل شركاؤهم أولادهم، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بأولادهم، وهو معمول للمصدر،
٣١٣
وهو جائز في العربية، قال ابن مالك في الألفية :
فَصلَ مُضَافٍ شِبهِ فِعلٍ مَا نَصب
مَفعولاً أو ظَرفًا أجِز، ولم يُعب
وهذا من فصل المفعول، فهو جائز في السعة ؛ خلافًا للزمخشري ومن تبعه، وقد شنَّع عليه الشاطبي في حرز الأماني.
يقول الحقّ جلّ جلاله : ومثل ذلك التزيين الذي وقع لهم في الحرث والأنعام، ﴿زَيَّن لكثير من المشركين قتل أولادهم﴾ ؛ زين لهم ذلك شركاؤهم من الجن، أو من السدنَة، وحملوهم عليه، خوفًا من الجوع أو من العار، وكانوا يقتلون البنات دون البنين، زينوا لهم ذلك ﴿لُيردُوهم﴾ أي : ليهلكوهم بالإغواء، ﴿وليلبسوا عليهم دينهم﴾ أي : ليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل، أو ما وجب عليهم أن يتدينوا به، ﴿ولو شاء الله ما فعلوه﴾ أي : ما فعل المشركين ما زين لهم، أو ما فعل الشركاء التزيين، أو الفريقان جميع ذلك، ﴿فذرهم وما يفترون﴾ أي : اتركهم مع افترائهم، أو : والذي يفترونه من الإفك، وهذا قبل الأمر بالسيف، ثم نسخ به.