جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١٦
٣١٧
قلت :﴿حَمولة وفرشًا﴾ : عطف على جنات، و ﴿ثمانية أزواج﴾ : بدل من حَمولة، و ﴿من الضأن اثنين﴾ : بدل من ثمانية.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ أنشأ أيضًا ﴿من الأنعام﴾ أنعامًا ﴿حَمولة﴾ ؛ ما يحمل الأثقال، كالكبار منها، ﴿وفَرشَا﴾ ؛ ما لا يحمل، كالصغار لدنوها من الأرض، أو حمولة للإبل، وفرشًا للغنم، لأنها تفرش للذبح، ويُفرَشُ ما ينسج من صوفها، ﴿كلوا مما رزقكم الله﴾ أي : كلوا ما أحل الله لكم منها، ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ في التحليل والتحريم من عند أنفسكم، ﴿إنه لكل عدو مبين﴾ ؛ ظاهر العداوة.
ثم فصلها فقال :﴿ثمانية أزواج﴾ ؛ ذكر وأنثى من كل صنف، والصنف : ما معه آخر من جنسه يزاوجه، ثم بيَّنها فقال :﴿من الضأن اثنين﴾ ؛ ذكر وأنثى ؛ كبش ونعجة، ﴿ومن المعز أثنين﴾ ؛ التيس وهو الذكر، والعنز وهي الأنثى، ﴿قل﴾ لهم ﴿آلذكرين﴾ أي : ذكر الضأن والمعز، ﴿حرَّم أم الأنثيين﴾ منهما ؟ ﴿أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين﴾ من الأجنة ذكرًا كان أو أنثى ؟ ﴿نبّئوني بعلم﴾ يدل على أن الله تعالى حرم شيئًا من ذلك، ﴿إن كنتم صادقين﴾ في دعوى التحريم عليه.
﴿ومن الإبل اثنين﴾ ؛ ذكر وأنثى، ﴿ومن البقر اثنين﴾ كذلك. ﴿قل آلذكرين حرَّم أم الأُنثيين﴾ أم حرم ما ﴿اشتملت عليه أرحام الأُنثيين﴾ من الجنين مطلقًا ؟ وهذا تقسيم على الكفار حتى يتبين كذبهم على الله، وتوبيخ لهم، حيث حرموا بعض الذكور مرة وبعض الأناث مرة، فألزمهم تحريم جميع الذكور، إن كان علة التحريم وصف الذكورة، أو تحريم جميع الإناث، إن كانت العلة الأنوثة، أو تحريم الجميع إن كان المُحرم ما اشتملت عليه الأرحام، ولا وجه للتخصيص، فالاستفهام للإنكار، وأكده بقوله :﴿أم كنتم شهداء﴾ حاضرين حين ﴿وصّاكم الله بهذا﴾ التحريم، ولا طريق لكم إلى معرفة هذا إلا المشاهدة والسماع، وليس لك شيء من ذلك، وإنما أنتم مفترون على الله.