الإشارة : يؤخذ من الآية أن الذنوب والمعاصي تضيق على العبد لذائذ متعته، وتقتر عليه طيب رزق بشريته، وتضيق عليه آيضًا حلاوة المعاملة في قلبه، ولذة الشهود في روحه وسره، لقوله تعالى :﴿ذلك جزيناهم ببغيهم﴾. وقال تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىَ ءَامَنُواْ وَاتَّقوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتِ مِنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعرَاف : ٩٦]، وقال في شأن القلب :﴿إِن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفَال : ٢٩]، أي : نورًا يفرق بين الحق والباطل، وقال تعالى :﴿وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِمُكُمُ اللهُ﴾ [البَقَرَة : ٢٨٢]، أي : علمًا لدُّنيا، فالمعصية كلها تُبعد العبد من الحضرة، إن لم يتب، والطاعة كلها تقرب من الحضرة. والتنعم إنما هو على قدر القرب، ونقصانه على قدر البُعد. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٠
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فإن كذبوك﴾ يا محمد، ﴿فقل﴾ لهم :﴿ربكم ذو رحمة واسعة﴾ يُمهلكم على التكذيب، فلا تغتروا بإمهاله ؛ فإنه يُمهل ولا يُهمل. ولذلك أعقبه بقوله :﴿ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين﴾ حيث ينزل بهم، أو ذو رحمة واسعة على المطيعين، وذو بأس شديد على المجرمين، فأقام مقامه :﴿ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين﴾، لتضمنه التنبيه على إنزال البأس عليهم، مع الدلالة على أنه لازب لا يمكن رده. قاله البيضاوي. وفي ابن عطية : ولكن لا تغتروا بسعة رحمته، فإن له بأسًا لا يُرد عن القوم المجرمين. هـ.


الصفحة التالية
Icon